كما تنبأ باحثون ومهتمون بقضية الصحراء بأنه من بين الأسباب التي ستعجل بهذا الإنهيار القريب لحركة البوليساريو هي أنها لا تزال تلازم ترديد شعارات سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى المحاصصة القبَلية التي تعتمد على تصفية الحسابات، ولعل المؤتمر الأخير للجبهة الذي إمتد لأسابيع، خير مثال حيث تحول إلى مسرحية أظهرت الصراعات الداخلية والإنقسامات.
كما أجمع العديد من متابعي شأن جبهة البوليساريو، بأن الفساد الذي تغلغل في القيادة، ولم يعد مجرد سلوك مرحلي بل أصبح طاعونا وسرطانا مستشريا في أعماق مؤسسات الجبهة نتيجة المحسوبية والقبيلة المفضي لإستغلال النفوذ. الامر الذي عمق من أزمات الحركة، على المستوى الداخلي، الذي أدى إلى فقدان ثقة الصحراويين بقيادة "الرابوني" التي بدأت تتآكل يومًا بعد يوم، كما تراجعت روح النضال التي طالما كانت سلاح الصحراويين وخير دليل هو تمرد عدد مهم لما يسمى بالجيش الشعبي الصحراوي التابع للناحية الأولى.
في المقابل إعتبر بعض معارضي قيادة البوليساريو بأن إدعائها العودة إلى ما تسميه بالكفاح المسلح كان خطوة غير محسوبة بل مغامرة خاسرة، القرار أزم وضعية إقتصادية لمئات الصحراويين بالمنطقة العازلة، التي كانت تسميها قيادة الجبهة بالمناطق المحررة، والتي كانت ملاذا لمئات رؤوس الأغنام والإبل، فكانت جزء مهم من معاشهم، بعدما ضاقت بهم السبل بالمخيمات نتيجة فساد قيادة البوليساريو لبيعها للمساعدات الإنسانية والمتاجرة بمعاناتهم .
ان الكثير من متتبعي الشأن بالمخيمات يعتقدون بأن غياب الأمن زاد من ترهيب سكان المخيمات من طرف القيادة، التي حولت المكان إلى بؤرة للفوضى، ساهم في إنتشار الجريمة المنظمة والمخدرات والسلاح والتهريب، مما زاد من معاناة الصحراويين وأجج مشاعر الإحباط والإحتقان عندهم، في ظل الإنفلات الأمني، وهي أمور أصبحت تهدد سلامة الصحراويين، الذين يعانون مند مدة من بطش قيادة تتاجر بمعاناتهم وتطيل عمر النزاع.
يعتبر جل المحللين ومتابعو قضية الصحراء بأن الفشل الذريع الذي أصاب جبهة البوليساريو، كانت بدايته بناء الجدار الأمني، ثم وقف إطلاق النار 1991، واخيرا اطلاق مبادرة الحكم الذاتي ومند ذلك التاريخ وحركة البوليساريو تتلقى الضربات، تلوى الأخرى، على المستوى السياسي والدبلوماسي بالعديد من المحافل الدولية، كان آخرها موقف إسبانيا ثم فرنسا وباقي العواصم الأوروبية خاصة الشرقية منها ، مما جعل المغرب ينجح في توسيع نفوذه الخارجي بحملاته الدبلوماسية النشطة، التي قادمها الملك محمد السادس في إفريقيا التي عشرات دولها إما إفتتح سفارة أو قنصلية بالأقاليم الجنوبية،او سحب اعترافها بجمهورية الوهم بينما نجد قيادة البوليساريو لا تزال تعتمد على خطاب تقليدي غير متجدد زاد من عزلتها، على الساحة الإفريقية والاوروبية ثم الأمريكية.