من الكوارث التي تضرب الفضاء الافتراضي التضليل والكذب.
من تجليات ذلك:
- "مجانية النعوت"،
- و"خداع العناوين"،
- و"تزوير الأقاويل"،
- وتحميل الكلام ما لا يحتمله" (بفصله عن سياقيه: النصي والمقامي).
من الأمثلة التي أزعجتني هذا الصباح وأنا أحاول الاستماع - دون جدوى - إلى تسجيلين لصحفيين من أكثرهم استقطابا للغاوين/المعجبين،
تحريفهم لكلام وزير العدل عبد اللطيف وهبي في قضية العفو الملكي، صيغة وسياقا.
١- تحريف الصيغة:
تكرر في كلامهم أنه قال: "شغلو هاداك!"
والحقيقة هي ما سيعرضه عليك الذكاء الاصطناعي مقرونا بالتنصيص، وبالصوت الحي، وهو:
"هاداك شغلو".
الانزياح ليس مجانيا. فالصيغة الأولى، مقطوعةً عن السياقين، تميل إلى التبرؤ، والصيغة الثانية في سياقيها تفيد تقرير الواقع، وبيان المسؤوليات. في جو يسوده التلبيس والتدليس.
هذا فضلا عن أن عبارة: "هاداك شغلو" تستبطن إبدالات وبيانات تحصينية لا تقبلها عبارة "شغلو هاداك".
منها: "هاداك راهو شغلو".
"هاداك، أبنادم، راهو شغلو"!
فيكون فيها تقريع للآخر، على تقدير: "... واش تتفهم ولَّا لَا"؟
٢-١- في السياق النصي، سلخوا العبارة من محيطها اللفظي، حيث كانت محصنة بألفاظ مصاحبة تحمي المعنى من التأويل السيء الذي ذهبوا إليه. منها:
(ضع السؤال على الذكاء الاصطناعي وسترى صدق النقل ...)...
٢-٢- المقام الخطابي يتمثل في: بيان حدود مسؤولية الوزير، ودفع مغالطة من حاولوا إفهام الناس أن العفو الملكي يُسقط التهمة، ويوجب الحصانة!
أما بعد
هل فهمت الآن السبب الذي جعل منتقدي وزير العدل ينزاحون عن نص كلامه، وينسبون إليه صيغة غير صيغته؟
ويُخرجون عبارته عن سياقيها: النصي والخطابي.
والحال، والحال - أقول وـكرر - أن المناظرة الوجيهة، التي تنشد الحق، تشترط - في ما تشترطه - أمرين:
١- تحرير موضوع النقاش بدقة،
٢- التزام لفظ "العارض" والتقيد بسياق كلامه.
إسعاف (لغير البلاغيين):
هناك قاعدة عامة تقول:
تغيير المبني يؤدي إلى تغيير المعني
مثال:
دخل محمد، ليست هي محمد دخل، ولا هي الداخل محمد، ولا هي إنما دخل محمد ... الخ.
نصيحة للمغرضين والمكلومين: راجعوا نفوسكم، إنها ترمي بشرر محرق.
ولا تجعلو جلالة الملك عرضةً لاهوائكم ومشاحناتكم ...