لكن السجال الذي رافق هذا المنتج المشترك يكشف مرة أخرى عن صلب توجهات المجتمع المغربي، الذي لا يزال مجتمعًا ذكوريًا ومحافظًا، حتى لا نقول رجعيًا، من خلال بنيات فكرية مشوشة ومترددة، على شاكلة ومنوال العديد من المجتمعات العربية والإسلامية.
نلاحظ من خلال الخطاب والسجال الدائر حاليًا أن نخبنا الفكرية والثقافية تعيش أزمة بنية العقل العربي في علاقة مع التراث والبنيات الاجتماعية التقليدية والنصوص الدينية.
يجب الإشارة أن المتصدين والرافضين حاليًا لكل ما هو حداثي في مشروع المدونة، لم يحسموا، لا نظريًا ولا عمليًا، في العديد من التناقضات التي تعيشها مؤسسة الأسرة والمجتمع، في ظل المدونة الحالية، منذ عقدين.
في ذات السياق، نلاحظ ما أثاره تكليف الفنانة والمسرحية والباحثة والأكاديمية لطيفة أحرار بمهمة في مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي، وما أثاره ذلك التعيين من ردود أفعال وانفعالات وتصريحات علنية رافضة لهذا الإجراء الإداري والقانوني بشكل قاطع.
هذا المثال، الذي صادف كرونولوجيًا الجدل الدائر حول مدونة الأسرة، هو مدى التقارب والإلتقائية ودرجات التقاطع، التي تربط بين خطاب هؤلاء الرافضين، سواء لمشروع المدونة أو لتولي لطيفة أحرار عضوية مجلس إدارة الوكالة الوطنية.
منهجيًا، الخيط الناظم والقاسم المشترك بين كل هؤلاء، هو المرجعية المحافظة أو الرجعية، التي ترى المرأة من زاوية الحريم وبنظارة الميز المبني على النوع والجندر والجنس والدونية.
نلاحظ من خلال ذات النهج والمنهجية الإقصائية المبنية على الميز، تسليط الانتقاد وتركيزه بالنسبة للطيفة أحرار على مكون الجسد، في إطار تحررها وأداء بعض الأدوار في أعمال فنية ومسرحية.
هكذا ينسجم، منهجيًا وخطابيًا وموقفًا، كل الذين يرفضون حاليًا البنود الحداثية الواردة في مسودة مدونة الأسرة، والذين يرفضون تعيين لطيفة أحرار في منصب المسؤولية والحكامة، متحججين بنصوص دوغمائية تنهل من قواميس ومرجعيات ماضوية بخلفيات رجعية.