هل المحكمة الدستورية الآن قادرة على إعطاء بعد دستوري جديد يعزز الضمانات ويكرس الحقوق والحريات بشأن مشروع قانون المسطرة المدنية، إذا تمت إحالته وفق أحكامه؟ هذا السؤال يطرح بعد عودة الروح إلى المحاماة كممارسة ورسالة، من خلال التعبيرات كالاحتجاجات وحوار رئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب النقيب الحسين الزياني الذي يمكن أن نعتبره إعلان لعودة الروح إلى مهنة المحاماة.
أكيد أن المحكمة الدستورية تشتغل في سياق ضاغط، تفرضه موضوعيا طبيعة مسطرة الإحالة كما أن تدخل القاضي بعد مصادقة البرلمان وقبل إصدار الأمر بتنفيذ القانون يجعل عمله امتدادا لعمل المجلسين ويقربه مما يصف بالغرفة الثالثة، دون التأكيد أن صوت الأقلية ورأي المعارضة يرى في المراقبة الدستورية في حالتي الوجوبية والاختيارية لجوء إلى القاضي الطبيعي الكفيل بإعادة التوازن للعلاقة المختلة بين الأغلبية البرلمانية وبين المحامين.
في خضم هذا السياق نحن الآن في زمن الترقب يفصل بين اللجوء إلى الإحالة وقرار المحكمة الدستورية، المحامون ينتظرون لا باعتبارهم فئة مهنية تترافع وتلجأ إلى المساطر الكتابية، بل سلطة رابعة في قلب التحولات وفي قلب السياسات التشريعية الماسة بالمبادئ والغايات والأهداف الدستورية والماسة أيضا بحق اللجوء المطلق للعدالة.
إن الرهان على المحكمة الدستورية بشأن تعزيز الضمانات الدستورية والاتفاقية بشأن مشروع قانون المسطرة المدنية، يجعلنا أمام حقيقة، وهي التوجه النوعي للقرارات الصادرة عن المجلس الدستوري والمحكمة الدستورية حاليا في تكريس الفصل بين المجال التشريعي والمجال التنظيمي لفائدة السلطة التنظيمية الحكومية، في حين يفترض في وظيفة المحكمة الدستورية أن تكون ضامنة للحقوق والحريات، ومعززة للتوازن بين السلط ومدعمة السلطة التشريعية.
وفي هذا السياق بتاريخ 12 غشت 2012 و في مقطع من حيثية قراره، صرح المجلس الدستوري على أن من مهامه المساهمة في ضبط السير العادي للمؤسسات وفق ما ينص عليه القانون.
من هنا يمكننا الرهان على المحكمة الدستورية إذا اعتمدت تأويلا برلمانيا حقوقيا بأبعاد جديدة خصوصا وأن المحكمة الدستورية فاعلا سياسيا، فقراراتها لها تأثير في المجال العام وفاعليته ومؤسساته وسلطه، وهذا واضح خلال التأويلات الدستورية والتأويلات الدستورية المضادة، خصوصا وأن المحكمة الدستورية تمارس نوعا من الضبط والتوجيه للمؤسسة البرلمانية، من خلال البت في مطابقة القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية والقوانين للدستور.
الكل سينتظر قرار المحكمة الدستورية خصوصا أنها لاتقبل أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلط العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية- في ظل، مجال سياسي ضاغط، وقلق أن تتحول الصراعات وتباين القراءات والتأويلات إلى قرار المحكمة الدستورية، يخالف روح ومعيارية القواعد الدستورية والتوجه البرلماني من النظام الدستوري المغربي، علاوة على وجود معوقات تتعلق بصعوبة تقديم إحالة القوانين وأزمة النخب البرلمانية وغياب الحكامة التشريعية عند الاغلبية البرلمانية وتؤيد الحكومة وتردد المعارضة البرلمانية وغياب فاعليتها المؤسساتية.