شكلت الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة المنعقدة في مدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر الجاري وثيقة مرجعية أسست لمرحلة جديدة في مسار الجهوية المتقدمة، وقد حددت الرسالة الملكية سبعة تحديات رئيسية واجهت ورش الجهوية المتقدمة، تمثلت في الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وتدقيق الاختصاصات وتفعيلها، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز جاذبية المجالات الترابية، وابتكار آليات تمويلية جديدة، والتصدي للأزمات والتكيف مع التحولات المستقبلية.
كما أكدت الرسالة السامية على أهمية تقييم المرحلة الانتدابية الأولى، منوهة بما شهده هذا الورش من تقدم على مستوى الهيكلة المؤسساتية وإصدار النصوص التنظيمية واعتماد وثائق التخطيط وبرامج التنمية، ومشددة في ذات الوقت على ضرورة الانتقال إلى مستويات أعلى من التفعيل الميداني لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
في هذا الإطار تهدف هذه المساهمة إلى تسليط الضوء على القضايا المحورية المرتبطة بتنفيذ ورش الجهوية المتقدمة، استجابةً للدعوة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للمشاركين في المناظرة الوطنية الثانية بغاية التفكير الجماعي لا جراء تحليل معمق لحصيلة الإنجازات والتحديات التي تواجه هذا المشروع الوطني، مع تقديم توصيات استراتيجية تعزز العدالة المجالية، وترسخ مبادئ الحكامة الرشيدة، وتدعم تحقيق التنمية المستدامة من خلال مقاربة تكاملية وتشاركية.
أولا: مضامين الرسالة الملكية إلى المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة
جاءت هذه الرسالة لتسلط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذا الورش الوطني الكبير، الذي يُعد ركيزة أساسية لتحقيق العدالة المجالية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف جهات المملكة، و في إطار الحرص الملكي على تعزيز الحكامة الترابية وتحقيق التنمية من خلال هذا المشروع الذي يهدف إلى التفاعل الإيجابي بين مختلف المتدخلين في الشأن العام، من مسؤولين حكوميين وممثلي المؤسسات العمومية والمنتخبين، وذلك بهدف تجاوز العقبات التي تعرقل مسار التنمية الجهوية وضمان التنزيل الفعلي للمشاريع ذات الأولوية، وقد دعا جلالته إلى استثمار هذه المناظرة لتقييم الحصيلة الحالية، وبلورة توجهات جديدة تعزز العمل التشاركي وتسرّع من وتيرة الإنجاز، والانتقال إلى مستويات أعلى من التفعيل الميداني لضمان تحقيق النتائج المرجوة، ومن هنا جاءت دعوته إلى وقفة تقييمية لاستعراض الحصيلة الحالية والوقوف على التحديات المتبقية، و التزام كافة الفاعلين بتنفيذ توصيات المناظرة الأولى، التي دعت إلى وضع إطار منهجي محدد للجدولة الزمنية لمراحل ممارسة الجهات لاختصاصاتها، كما أشار إلى أن تطوير هذا الورش يتطلب المزيد من التشاور البناء بين مختلف الفاعلين، بما يضمن الانسجام والتدرج في التنفيذ.
وفي هذا السياق، حدد جلالة الملك سبعة تحديات رئيسية تواجه ورش الجهوية المتقدمة، وهي تحديات تشكل محاور أساسية لضمان تحقيق النجاح، أولاً، يأتي تحدي الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للاتمركز الإداري، الذي يعتبر ركيزة محورية لتعزيز اللامركزية وتبسيط الإجراءات الإدارية، خاصة في مجال الاستثمار، وقد أشار جلالته إلى التأخر في تفعيل هذا الميثاق، ما أدى إلى تعقيد الإجراءات الإدارية وإعاقة الاستثمار، ثانياً، تحدي تدقيق الاختصاصات وتفعيلها بشكل كامل بين الجهات والجماعات الترابية والقطاعات الوزارية، وهو أمر لم يتحقق بالقدر المطلوب رغم الجهود المبذولة، ثالثاً، تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستويين الجهوي والمحلي، من خلال إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في صياغة السياسات العمومية وتنفيذها ومتابعتها.
اضافة الى ذلك تطرق جلالة الملك إلى تحدي ربط المسؤولية بالمحاسبة كوسيلة لتعزيز الحكامة الرشيدة ومكافحة الفساد، وقد أكد جلالته أن الجهات والجماعات الترابية أصبحت مكونات رئيسية في إدارة الشأن العام، مما يستدعي اعتماد آليات متقدمة لضمان الشفافية والمساءلة، كما أشار إلى تحدي تعزيز جاذبية المجالات الترابية، باعتبارها رافعة أساسية لتحفيز الاستثمار وخلق فرص الشغل، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، دعا جلالته إلى تطوير استراتيجيات مبتكرة تركز على تثمين الموارد المحلية وتحسين البنية التحتية، أما التحدي السادس، فقد تمثل في ضرورة ابتكار آليات تمويلية جديدة تخفف الضغط على الموارد التقليدية، وهو ما يستلزم انفتاح الجهات على مصادر تمويلية مبتكرة ومتنوعة، وأخيراً، شدد جلالته على أهمية التصدي للأزمات والتكيف مع التحولات المستقبلية، من خلال تبني خطط مرنة وقابلة للتكيف تضمن استمرارية التنمية في وجه الأزمات المفاجئة.
وإلى جانب هذه التحديات، سلط جلالة الملك الضوء على قضايا رئيسية أخرى تعيق التنمية الجهوية، منها الإجهاد المائي وتطوير منظومة النقل والتحول الرقمي، وقد أشار جلالته إلى أن المغرب يعيش أزمة إجهاد مائي هيكلية، مما يستوجب اتخاذ تدابير جذرية لتحسين إدارة الموارد المائية، كما أوضح أن تطوير منظومة النقل يشكل مدخلاً رئيسياً لتحقيق التنمية المجالية، خاصة في ظل الاستعدادات الكبرى التي تشهدها المملكة لاستضافة كأس العالم 2030، أما في ما يخص التحول الرقمي، فقد أكد جلالته أنه أصبح شرطاً أساسياً لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، وهو ما يستدعي إدماج التكنولوجيا الرقمية بشكل أعمق في إدارة الشأن الترابي.
ثانيا: السياق العام ونجاح التجربة الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب
مثل نجاح التجربة الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان في المغرب محطة مفصلية في تاريخ المملكة، حيث شكل نجاح تجربة العدالة الانتقالية نموذجاً فريداً في العالم العربي والإفريقي، وقد تجلى هذا النجاح في تعزيز دولة القانون والمؤسسات وترسيخ مبادئ المساءلة والمصالحة، كما أن التكريس الدستوري للحقوق والحريات الأساسية في دستور 2011، وإنشاء المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان عكس التزام المملكة بتعزيز المنظومة الحقوقية، كما عزز التكريس الدائم لدورية الانتخابات والاستشارات الشعبية المسار الديمقراطي وضمانة للمشاركة المواطنين في الحياة السياسية، كما عززت الإصلاحات الدستورية والقانونية ضمانات استقلال القضاء وحماية الحريات الفردية والجماعية، وشكلت منظومة هيئات الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان إطاراً مؤسسياً متكاملاً لحماية وتعزيز حقوق الإنسان على المستويين الوطني والمحلي، وقد انعكس هذا التطور إيجاباً على تصنيف المغرب في التقارير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبالموازاة مع ذلك وبذات النفس الحقوقي ستساهم تجربة المغرب في إرساء الجهوية المتقدمة في تعميق هذه المكتسبات من خلال تمكين السكان المحليين من المشاركة الفعالة في تدبير شؤونهم.
ثالثا: التطور المؤسساتي والقانوني للجهوية المتقدمة
شكل النظام الجهوي في المملكة المغربية تجسيداً عملياً لمبدأ اللامركزية المنصوص عليها في الدستور المغربي لسنة 2011، حيث يؤسس الباب التاسع من الدستور للتنظيم الترابي للمملكة على أساس الجهوية المتقدمة، وقد أرسى المشرع الدستوري المغربي في الفصل 135 المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الجهوية المتقدمة، والتي تتمثل في التنظيم الجهوي واللامركزي، المرتكز على مبادئ التدبير الحر في إطار وحدة الدولة، ويتجلى هذا التأطير الدستوري للجهوية المتقدمة في منظومة قانونية متكاملة تضم القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والذي حدد اختصاصات الجهات وصلاحياتها وموارد تمويلها وآليات الحكامة الترابية، وتستند هذه المنظومة القانونية إلى مبدأ التفريع في توزيع الاختصاصات، حيث تمارس الجهات اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها، كما يؤسس هذا الإطار القانوني لمبدأ التضامن بين الجهات من خلال إحداث صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات، ويرتبط هذا النظام ارتباطاً وثيقاً بالتزامات المملكة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، من حيث ضمان مشاركة فعالة للمواطنين في تدبير شؤونهم المحلية وصنع القرارات التي تؤثر في حياتهم اليومية، كما يكرس مبادئ الشفافية والمساءلة في التدبير العمومي، مما يعزز ثقة المواطنين في المؤسسات المحلية ويدعم مسار البناء الديمقراطي في المملكة.
ويشهد المغرب حاليا تطوراً مؤسساتياً وقانونياً متسارعاً في مجال الجهوية المتقدمة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية والجهوية لسنة 2026، وقد تجلى هذا التطور من خلال التفكير في تعزيز صلاحيات المجالس الجهوية المنتخبة، وتطوير آليات التنسيق بين المستويات الترابية المختلفة، كما أن إصدار النصوص التنظيمية والتطبيقية المكملة للقانون التنظيمي للجهات سيسهم في توضيح الإطار القانوني لممارسة الاختصاصات الجهوية، وسوف يعزز الميثاق الوطني للاتمركز الإداري دور المصالح اللاممركزة للدولة في دعم التنمية الجهوية، من خلال منح ممثلي الوزارات على المستوى الجهوي صلاحيات موسعة في مجالات التخطيط والتنفيذ والتقييم، كما يشكل تعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على المستوى الجهوي ضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات وتعزيز المشاركة المواطنة في التدبير المحلي.
رابعا: الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للجهوية المتقدمة
يمثل النموذج التنموي الجديد إطاراً استراتيجياً لتفعيل الجهوية المتقدمة وتحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي، ويعد من اهم ما سيأتي به هذا النموذج هو تعزيز التنافسية الترابية وجذب الاستثمارات وخلق فرص الشغل على المستوى الجهوي، كما سيولي أهمية خاصة لتطوير البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات العمومية وتعزيز العدالة المجالية، وقد شكل إطلاق برامج التنمية الجهوية المندمجة خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف، خاصة في المجالات ذات الأولوية كالتعليم والصحة والسكن والبنية التحتية، كما أن تفعيل آليات التضامن بين الجهات، من خلال صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات سيسهم في تقليص الفوارق المجالية وتحقيق التنمية المتوازنة.
خامسا: البعد البيئي والتنمية المستدامة في النموذج الجهوي
يعتبر البعد البيئي والتنمية المستدامة محوراً أساسياً في النموذج المغربي للجهوية المتقدمة، وقد تجلى ذلك من خلال إلزام المجالس الجهوية بإدماج البعد البيئي في برامج التنمية الجهوية، وإجراء دراسات التأثير البيئي للمشاريع التنموية، كما أن تطوير الطاقات المتجددة على المستوى الجهوي، خاصة في الأقاليم الجنوبية، يشكل نموذجاً للتنمية المستدامة وحماية البيئة، وقد أسهمت المشاريع الكبرى في مجال الطاقة الشمسية والريحية في تعزيز مكانة المغرب كرائد إقليمي في مجال الطاقات المتجددة، كما أن تطوير الاقتصاد الأخضر على المستوى الجهوي يفتح آفاقاً جديدة للتنمية المستدامة وخلق فرص الشغل.
سادسا: البعد الثقافي والهوياتي في النموذج الجهوي المغربي
التنوع الثقافي والهوياتي في المغرب بدوره يعد ركيزة أساسية في نموذج الجهوية المتقدمة، حيث يعترف الفصل الخامس من دستور 2011 بالتعددية الثقافية واللغوية للمجتمع المغربي، مؤسساً لتوجه يضمن احترام الخصوصيات المحلية، وقد تجلى ذلك من خلال دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، مع التأكيد على مكانة اللغة الحسانية كجزء من الهوية المغربية الأصيلة، بما يعكس انتماء الأقاليم الجنوبية للنسيج الوطني، كما أن إنشاء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية يمثل آلية هامة لدعم هذه الهوية المتعددة وتعزيز قيم التعايش الثقافي.
ويعتبر تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على المستوى الجهوي، إلى جانب تثمين التراث الثقافي المادي واللامادي للجهات، خطوة مهمة في تعزيز التنوع الثقافي والحفاظ على الهويات المحلية، كما يدخل في هذا الاطار أيضا إيلاء أهمية لحماية الثقافة الحسانية من خلال إدراج عناصر الثقافة الحسانية ضمن المناهج التعليمية والبرامج الثقافية في الأقاليم الجنوبية، بما يضمن الحفاظ على هذا الإرث الثقافي كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية شاملة لتعزيز العدالة المجالية لتثمين التراث المحلي، من خلال تهيئة بيئة تعليمية وبحثية متكاملة تستجيب للخصوصيات الثقافية والاجتماعية لكل جهة، وتدعم إدماج الشباب في سوق العمل، وتشمل أيضا تنمية الجهات من خلال إنشاء مؤسسات ثقافية متخصصة تسهم في صون التنوع الثقافي ودعمه، وتنظيم مهرجانات ومعارض تُبرز التراث الصحراوي، إضافة إلى دعم الإبداع الفني والثقافي الذي يعزز خصوصية كل جهة ويشجع المواهب المحلية بها على الابداع والابتكار.
سابعا: تعزيز الحكامة الترابية والديمقراطية التشاركية
كرس النموذج المغربي للجهوية المتقدمة مبادئ الحكامة الترابية الجيدة والديمقراطية التشاركية، وقد تجلى ذلك من خلال تفعيل آليات المشاركة المواطنة في التدبير المحلي، كالعرائض وملتمسات المواطنين وهيئات التشاور، كما أن تعزيز الشفافية والمساءلة في التدبير العمومي المحلي، من خلال نشر المعلومات وتقارير التدبير وتقييم السياسات العمومية، يسهم في تعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات المحلية، وقد أولى هذا النموذج الجهوي أهمية خاصة لدور المجتمع المدني في التنمية المحلية، من خلال دعم الجمعيات وتشجيع المبادرات المواطنة.
ثامنا: تطوير منظومة التعاون الدولي على مستوى الجهات
يمثل تطوير منظومة التعاون الدولي على المستوى الجهوي أحد الأبعاد الاستراتيجية في نموذج الجهوية المتقدمة بالمغرب، وقد أسس القانون التنظيمي للجهات لإطار قانوني متكامل يتيح للجهات إبرام اتفاقيات للتعاون اللامركزي مع نظيراتها في الدول الأجنبية، ويتجلى هذا التعاون بشكل خاص في العلاقات مع الجهات الإسبانية والفرنسية والألمانية، حيث تم تطوير برامج للشراكة في مجالات التنمية المستدامة والتكوين المهني والتبادل الثقافي، كما تشكل الأقاليم الجنوبية محوراً استراتيجياً في التعاون مع الدول الإفريقية، خاصة في إطار مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب وتطوير الموانئ الأطلسية خاصة ميناء الداخلة الأطلسي، وقد عزز افتتاح القنصليات الأجنبية في مدينتي العيون والداخلة من دور الأقاليم الجنوبية كبوابة للتعاون مع إفريقيا، كما أن مشاركة الجهات في المنتديات والشبكات الدولية للحكومات المحلية يسهم في تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال التدبير الترابي.
تاسعا: تطوير البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي للخدمات
التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي للخدمات العمومية على المستوى الجهوي هو الاخر بات يشكل أولوية استراتيجية في نموذج الجهوية المتقدمة، و ذلك من خلال تطوير منصات رقمية للخدمات الإدارية، وتعزيز البنية التحتية للاتصالات في مختلف الجهات، كما أن إطلاق برامج للتكوين في المجال الرقمي ودعم المقاولات الناشئة في قطاع التكنولوجيا سيسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي على المستوى المحلي، و ويحب ان تولي الجهوية بالمغرب أهمية خاصة لتطوير الحكومة الإلكترونية المحلية وتعزيز الشفافية والنجاعة في تقديم الخدمات العمومية، كما أن تطوير مراكز للابتكار الرقمي في الجهات يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية وخلق فرص الشغل في القطاعات التكنولوجية الواعدة.
عاشرا: تعزيز الأمن والاستقرار على المستوى الجهوي
يعتبر الأمن والاستقرار على المستوى المحلي في الجهوية المتقدمة، خاصة من خلال تطوير آليات التنسيق بين السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، وتعزيز قدرات الشرطة الإدارية التابعة للجماعات الترابية، كما أن تفعيل دور اللجان الإقليمية والجهوية للأمن يسهم في تعزيز المقاربة التشاركية في معالجة القضايا الأمنية، وقد أولى النموذج الجهوي عناية خاصة لمكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، خاصة في المناطق الحدودية والساحلية.
الحادي عشر: تطوير المنظومة الصحية على المستوى الجهوي
يشكل تطوير المنظومة الصحية على المستوى الجهوي ركيزة أساسية في نموذج الجهوية المتقدمة، خاصة في سياق الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، ويتطلب ذلك تعزيز البنية التحتية الصحية في مختلف الجهات، مع التركيز على المناطق النائية والأقل تجهيزاً، كما أن إنشاء المراكز الاستشفائية الجامعية في عدة جهات يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتكوين الأطر الطبية، وبات من الضروري إيلاء أهمية خاصة لتطوير الطب عن بعد والخدمات الصحية الرقمية، مما يسهل الولوج إلى العلاج في المناطق النائية، كما تم تعزيز التعاون مع القطاع الخاص في المجال الصحي، من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في بناء وتجهيز المستشفيات وتقديم الخدمات الطبية المتخصصة، ويشكل تطوير صناعة الأدوية على المستوى الجهوي توجهاً استراتيجياً لتعزيز السيادة الصحية وتوفير فرص الشغل في القطاع الصحي.
الثاني عشر: تعزيز الأمن الغذائي والفلاحة المستدامة
يمثل تعزيز الأمن الغذائي والفلاحة المستدامة على المستوى الجهوي أولوية قصوى في نموذج الجهوية المتقدمة، وذلك من خلال تطوير مخططات فلاحية جهوية تراعي خصوصيات كل منطقة ومواردها الطبيعية، كما أن دعم الفلاحة التضامنية والمشاريع الفلاحية الصغرى يسهم في تحسين دخل الفلاحين الصغار وتعزيز الاستقرار في العالم القروي، مع إعطاء أهمية خاصة لترشيد استعمال الموارد المائية في القطاع الفلاحي، من خلال تشجيع تقنيات الري الحديثة والزراعات المقتصدة في الماء، كما يشكل تطوير الصناعات الغذائية على المستوى الجهوي رافعة للتنمية الاقتصادية وتثمين المنتجات المحلية.
الثالث عشر: تطوير السياحة المستدامة والصناعة التقليدية
تشكل السياحة المستدامة والصناعة التقليدية قطاعين استراتيجيين في التنمية الجهوية، من خلال تطوير مخططات سياحية جهوية تثمن المؤهلات الطبيعية والثقافية لكل جهة، كما أن دعم السياحة البيئية والقروية يسهم في تنويع العرض السياحي وخلق فرص الشغل في المناطق القروية، مع التركيز على تطوير الصناعة التقليدية وحماية الحرف اليدوية التقليدية، من خلال إنشاء مراكز للتكوين المهني وتسويق المنتجات التقليدية، كما يشكل تنظيم المعارض والمهرجانات الجهوية فرصة للترويج للمنتجات المحلية وتعزيز السياحة الثقافية.
الرابع عشر: التجارب المقارنة في مجال الجهوية
يكتسي تحليل التجارب المقارنة في مجال الجهوية أهمية بالغة في فهم تطور النظم الجهوية وآليات تطبيقها، حيث تقدم هذه التجارب دروساً مهمة في كيفية تنظيم العلاقة بين السلطة المركزية والوحدات الترابية، فتجربة المملكة الإسبانية تعد نموذجاً متقدماً في تطبيق نظام الحكم الذاتي الموسع، من خلال ما يعرف بـ"دولة الأقاليم المستقلة"، حيث تتمتع مناطق مثل كاتالونيا والباسك بصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة في مجالات التعليم والصحة والثقافة، وفي الجمهورية الفرنسية، نلاحظ تحولاً تدريجياً من المركزية التقليدية نحو اللامركزية منذ ثمانينيات القرن الماضي، مع منح الجهات (régions) صلاحيات متزايدة في مجالات التنمية الاقتصادية والنقل والتعليم الثانوي، أما في الجمهورية الإيطالية، فيتميز النظام الجهوي بمنح بعض المناطق، كصقلية وسردينيا، نظاماً خاصاً للحكم الذاتي يمكنها من إدارة مواردها الطبيعية وتطوير سياساتها الخاصة، وتقدم التجربة الألمانية نموذجاً متقدماً للفيدرالية، حيث تتمتع الولايات (Länder) بصلاحيات واسعة في مجالات التعليم والأمن والثقافة، كما تعد التجربة الأمريكية مثالاً على الفيدرالية الراسخة، التي تمنح الولايات استقلالية كبيرة في إدارة شؤونها الداخلية، وتضيف التجربة البرازيلية بعداً مهماً للدراسات المقارنة، حيث تطبق نموذجاً فيدرالياً في سياق دولة نامية، وتسهم دراسة هذه التجارب في إغناء النموذج المغربي للجهوية المتقدمة، مع مراعاة الخصوصيات الوطنية والسياق المحلي.
الخامس عشر: البعد الدولي للجهوية المتقدمة وقضية الصحراء
حظيت المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، التي قدمت سنة 2007، بدعم دولي متزايد باعتبارها حلاً واقعياً وذا مصداقية للنزاع الإقليمي، وقد تجلى هذا الدعم في المواقف الإيجابية لدول وازنة في المجتمع الدولي، خاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، التي اعتبرت المبادرة المغربية أساساً جدياً وواقعياً لحل النزاع، ويرتكز هذا الدعم الدولي على التقدم الملموس الذي حققه المغرب في مجال تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة من خلال تجربة العدالة الانتقالية وإنشاء المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، كما يستند إلى النجاحات التي حققها المغرب في مجال التنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية، من خلال المشاريع التنموية الكبرى والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والمرافق الاجتماعية، ويشكل اختيار الأقاليم الجنوبية كنموذج رائد في تطبيق الجهوية المتقدمة دليلاً على التزام المملكة بتمكين سكان هذه المناطق من تدبير شؤونهم المحلية وتحقيق تنميتهم الاقتصادية والاجتماعية، وقد عزز هذا التوجه الثقة الدولية في النموذج المغربي للحكم الذاتي، خاصة مع تزايد عدد الدول التي تفتح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية، مما يشكل اعترافاً عملياً بالسيادة المغربية على هذه المناطق.
ولقد شكل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية منعطفاً تاريخياً في مسار القضية، حيث عزز هذا الموقف الأمريكي المتقدم الدعم الدولي المتنامي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وقد تجلى هذا الدعم من خلال القرار الأمريكي بعزمها على فتح قنصلية في مدينة الداخلة مما يشكل اعترافاً عملياً بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية وهو ما سيتحقق بما لا يدع مجالا للشك خاصة بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية وهو الذي سبق له ان اقدم على اتخاذا هذا الموقف المتقدم في نهاية ولايته السابقة، وقد تعزز هذا الموقف بدعم فرنسا المستمر للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، حيث اعتبرتها باريس أساساً جدياً وذا مصداقية لحل النزاع الإقليمي.
وتجدر الإشارة إلى أن تزايد عدد الدول التي تفتح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة يعكس الاعتراف الدولي المتنامي بالسيادة المغربية على الصحراء، كما أن الدعم الدولي للمبادرة المغربية يستند إلى النجاحات التي حققها المغرب في مجال تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة من خلال تجربة العدالة الانتقالية وإنشاء المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، وقد عزز النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه المغرب بغلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم، الثقة الدولية في قدرة المملكة على تحقيق تنمية مستدامة في هذه المناطق، ويشمل هذا النموذج مشاريع كبرى في البنية التحتية والطاقات المتجددة والفوسفاط والصناعة والسياحة، مما يجعل الأقاليم الجنوبية قطباً اقتصادياً واعداً على المستوى القاري.
كما يشكل اختيار الأقاليم الجنوبية كنموذج رائد في تطبيق الجهوية المتقدمة دليلاً على التزام المملكة بتمكين سكان هذه المناطق من تدبير شؤونهم المحلية، ويتجلى ذلك من خلال إنشاء مؤسسات جهوية منتخبة تتمتع بصلاحيات واسعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع ضمان تمثيلية فعالة للسكان المحليين في هذه المؤسسات.
السادس عشر: المنظومة القانونية للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية:
يشكل مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية نموذجاً متقدماً للجهوية، يستند إلى أسس دستورية وقانونية راسخة، وقد أسست المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 لإطار قانوني متكامل يمنح الأقاليم الجنوبية صلاحيات واسعة في المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويتجلى ذلك من خلال إنشاء برلمان جهوي منتخب يتمتع بصلاحيات تشريعية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحكومة جهوية مسؤولة أمام البرلمان الجهوي، وهيئات قضائية جهوية تضمن احترام القانون وحماية حقوق المواطنين، كما يضمن هذا النموذج تمثيلية خاصة لسكان الأقاليم الجنوبية في المؤسسات الوطنية، مع الحفاظ على اختصاصات الدولة في مجالات السيادة كالدفاع والعلاقات الخارجية.
البعد الاستراتيجي للجهوية المتقدمة في السياق الدولي:
يكتسي النموذج المغربي للجهوية المتقدمة أهمية استراتيجية في السياق الدولي الراهن، خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بالحكم المحلي والتنمية الترابية، وقد تجلى ذلك من خلال اعتراف المنظمات الدولية والشركاء الاستراتيجيين للمغرب بنجاعة هذا النموذج في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار السياسي، كما يشكل نجاح التجربة المغربية في الأقاليم الجنوبية نموذجاً يحتذى به في معالجة النزاعات الإقليمية وتحقيق التنمية الشاملة، وقد عزز الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، خاصة من قبل القوى الدولية الكبرى، من مصداقية النموذج المغربي وقدرته على تقديم حلول واقعية للتحديات الإقليمية، كما أن اختيار المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 يشكل اعترافاً دولياً بنجاح النموذج التنموي المغربي وقدرته على تنظيم التظاهرات الكبرى.
ويحظى النموذج المغربي للجهوية المتقدمة باهتمام دولي متزايد، خاصة في إفريقيا والعالم العربي، وقد أصبحت التجربة المغربية مرجعاً للعديد من الدول التي تسعى لتطوير أنظمتها الجهوية، كما عزز نجاح هذه التجربة من مكانة المغرب كشريك استراتيجي في المنطقة، خاصة في مجال التعاون جنوب-جنوب، وقد تجلى ذلك من خلال المشاريع التنموية المشتركة مع الدول الإفريقية، وتبادل الخبرات في مجال الحكم المحلي والتنمية المستدامة، كما يشكل مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب نموذجاً للتعاون الاقتصادي الإقليمي، حيث سيمر هذا المشروع الضخم عبر الأقاليم الجنوبية، مما يعزز اندماجها في النسيج الاقتصادي الإقليمي.
ومجمل القول فان نموذج الجهوية المتقدمة في المملكة المغربية يمثل تجربة رائدة في العالم العربي والإفريقي، تجمع بين تعزيز الديمقراطية المحلية وتحقيق التنمية المستدامة، وقد أثبتت هذه التجربة نجاعتها في تعزيز المشاركة المواطنة وتحقيق العدالة المجالية وتقوية الوحدة الوطنية، كما أن نجاح النموذج المغربي في الأقاليم الجنوبية يشكل نموذجاً للحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية، يحظى بدعم دولي متزايد، بيد أن نموذج الجهوية المتقدمة في المغرب يواجه مجموعة من التحديات التي تتطلب معالجة شاملة ومتكاملة لضمان نجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير، ويأتي في مقدمة هذه التحديات توفير الموارد المالية والبشرية الكافية لتمكين الجهات من ممارسة صلاحياتها بفعالية، خاصة في ظل تزايد الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهات، كما يشكل ضمان التنسيق الفعال بين المستويات المركزية والجهوية تحدياً رئيسياً يتطلب تطوير آليات مؤسساتية للتشاور والتنسيق، ويستدعي نجاح هذا النموذج تعزيز القدرات التدبيرية للمنتخبين من خلال برامج تكوين مستمر وتأهيل مهني، مع تطوير أنظمة معلوماتية متطورة لدعم اتخاذ القرار، كما يتطلب تفعيل آليات الرقابة والمساءلة لضمان شفافية التدبير العمومي وحسن استخدام الموارد العامة، وقد أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية في نقل الاختصاصات، تراعي التوازن بين المسؤوليات والموارد المتاحة، كما يستلزم نجاح النموذج الجهوي تعزيز آليات التضامن بين الجهات لضمان توزيع عادل للموارد والفرص التنموية، وفيما يلي اهم التوصيات في هذا السياق :
المحور الأول: تعزيز حكامة الجهات في إطار الجهوية المتقدمة لتحقيق التنمية المتوازنة
-تدقيق وتفعيل اختصاصات الجهات والجماعات الترابية
-اعتماد مقاربة شاملة لتحديد الاختصاصات بوضوح بين الجهات والقطاعات المعنية،
-ضمان التطبيق الكامل لهذه الاختصاصات بما يحقق أهداف التنمية،
-تفعيل مبدأ التفريع في توزيع الاختصاصات بين الدولة والجهات،
-تعزيز صلاحيات المجالس الجهوية المنتخبة في المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية،
-الحكامة والديمقراطية التشاركية:
-إشراك المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني في صياغة وتنفيذ السياسات العمومية،
-تفعيل دور المشاركة المجتمعية في التقييم والرقابة،
-تفعيل آليات المشاركة المواطنة مثل العرائض وهيئات التشاور الجهوية،
-تعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن الجهوي لنيل ثقة المواطنين،
-اعتماد آليات فعالة للحكامة الرشيدة والشفافية،
-تطوير فلسفة الرقابة والمحاسبة بما ينسجم مع الدستور،
تبني استراتيجيات مرنة للتخطيط الجهوي:
-تعزيز قدرات الجهات على الاستباق والتكيف مع التحولات والأزمات،
-تضمين إدارة المخاطر في خطط التنمية الجهوية،
التنمية الجهوية و تعزيز جاذبية المجالات الترابية:
-اعتماد برامج تنموية شاملة لتحسين جودة الخدمات العمومية والبنية التحتية،
-تطوير مخططات جهوية تركز على التعليم والصحة والسكن وجذب الاستثمارات،
-وضع استراتيجيات طموحة لتحفيز الاستثمار وتحسين البيئة الجاذبة،
-تثمين الموارد الطبيعية والموروث الثقافي والتاريخي لكل جهة،
تعزيز الهوية الثقافية والتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر:
-دعم التنوع الثقافي والهوياتي عبر تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وحماية وتطوير الحسانية وباقي التعبيرات الثقافية،
-تشجيع السياحة البيئية والثقافية وتنظيم معارض ومهرجانات جهوية،
-إدماج البعد البيئي في برامج التنمية الجهوية،
-دعم مشاريع الطاقات المتجددة وتشجيع الزراعة المستدامة والصناعات الغذائية،
مواجهة التحديات القطاعية الكبرى:
-معالجة أزمة الإجهاد المائي من خلال تحسين إدارة الموارد المائية واعتماد حكامة مائية فعالة،
-تطوير منظومة النقل والتنقل لتحقيق تنمية ترابية مستدامة،
-تسريع التحول الرقمي للجماعات الترابية بما يواكب التطورات التكنولوجية،
التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية:
-تطوير الحكومة الإلكترونية المحلية وتوفير منصات رقمية للخدمات الجهوية،
-دعم الابتكار الرقمي وإنشاء مراكز ابتكار داخل الجهات،
-ابتكار آليات تمويلية جديدة والتعاون الدولي
-الانتقال من التمويلات التقليدية إلى نماذج تمويل مبتكرة،
-تطبيق نموذج جديد للميزانية المحلية قائم على النجاعة والابتكار،
-تعزيز التعاون اللامركزي مع الجهات الأجنبية لتبادل الخبرات،
-تطوير شراكات دولية تدعم التنمية الجهوية المستدامة،
تعزيز القدرات التدبيرية للمنتخبين والقطاع الخاص والمجتمع المدني:
-تنظيم برامج تكوين مستمر وتأهيل مهني للمنتخبين لتحسين أدائهم،
-تطوير أنظمة معلوماتية لدعم اتخاذ القرارات على المستوى الجهوي،
-تكثيف التنسيق بين الدولة والجهات والجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني،
-العمل على ضمان تكامل الجهود لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة المجالية،
المحور الثاني: متعلق باللاتمركز الإداري والمصالح اللاممركزة للوزارات
تسريع تفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري:
-ضرورة تعبئة كافة الطاقات والانخراط الفعلي لجميع القطاعات الوزارية لتسريع إعداد التصاميم المديرية،
-ضمان نقل فعلي للاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي،
-إنشاء مديريات جهوية للوزارات على رأسها مدير جهوي برتبة مدير مركزي بالمصالح المركزية، مما يضمن تكافؤ المكانة والسلطة الإدارية بين المركز والجهات،
-تقسيم المديريات الجهوية إلى أقسام ومصالح متخصصة حسب القطاعات ذات الأولوية، مما يعزز من كفاءة العمل والتخصصية،
تعزيز صلاحيات المديريات الجهوية:
-منح المديريات الجهوية صلاحية وضع سياسات قطاعية جهوية منسجمة مع برامج التنمية الجهوية التي تضعها المجالس الجهوية،
-تمكين المديريات الجهوية من إعداد خطط تنفيذية محلية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة وأولوياتها التنموية،
إدارة ميزانيات مستقلة:
تخصيص ميزانيات مستقلة للمديريات الجهوية تشمل نفقات التسيير والاستثمار، مما يتيح مرونة أكبر في تنفيذ المشاريع القطاعية الجهوية،
تمكين المديريات الجهوية من إدارة مواردها المالية بفعالية لضمان تمويل البرامج والمشاريع التنموية في وقتها،
التوظيف الجهوي:
منح المديريات الجهوية صلاحيات التوظيف الجهوي من خلال تخصيص مناصب مالية كافية لتلبية احتياجات الموارد البشرية لكل جهة،
ضمان شفافية وفعالية في عمليات التوظيف الجهوي، بما يضمن استقطاب الكفاءات المحلية المؤهلة،
تعزيز التنسيق مع الجهات:
إنشاء آليات فعّالة للتنسيق بين المديريات الجهوية وبرامج التنمية الجهوية الموضوعة من قبل المجالس الجهوية،
تفعيل الشراكة بين المديريات الجهوية والقطاعات الأخرى لتحقيق التقائية السياسات التنموية القطاعية مع الأهداف الجهوية،
تعزيز الموارد البشرية:
ضمان توفير الكفاءات الإدارية والتقنية اللازمة لكل مديرية جهوية، بما يتناسب مع احتياجاتها ومتطلبات المشاريع التنموية،
تطوير برامج تكوين مستمر للموظفين الجهويين لتحسين قدراتهم ومواكبة التغيرات الإدارية والتنموية،
تحسين الحكامة والمساءلة:
تعزيز آليات الرقابة على أداء المديريات الجهوية لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الميزانيات والموارد،
نشر تقارير دورية توضح مساهمة المديريات الجهوية في تحقيق أهداف التنمية الجهوية،
تعزيز القدرات التخطيطية والتنفيذية:
تمكين المديريات الجهوية من إجراء دراسات قطاعية واستشرافية لتحديد أولويات التنمية في الجهة،
دعم المديريات الجهوية بموارد تقنية ولوجستية حديثة لضمان تنفيذ البرامج القطاعية بكفاءة وفعالية،
إدماج الأبعاد البيئية والرقمية:
دعم المديريات الجهوية لتطوير خطط تنموية تراعي الأبعاد البيئية والتنمية المستدامة،
تعزيز التحول الرقمي داخل المديريات الجهوية من خلال تطوير منصات إلكترونية تدعم تسيير الموارد وتقديم الخدمات بشكل أسرع وأكثر شفافية.
المحور الثالث: آفاق تنزيل الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية كرافعة للجهوية المتقدمة وترسيخ للسيادة الوطنية
تنزيل مبادرة الحكم الذاتي في إطار رؤية استراتيجية:
العمل على تطوير آليات عملية لتنزيل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، مع مراعاة كونه مقترحاً للتفاوض لحل النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء.
الاستمرار في تفعيل المبادرة على أرض الواقع ضمن إطار السيادة المغربية، مع التأكيد على التزام المملكة بجعل هذه الأقاليم نموذجاً متقدماً للحكم الذاتي.
تعزيز الإطار المؤسسي الانتقالي للحكم الذاتي:
إنشاء هيئات جهوية منتخبة تتمتع بصلاحيات موسعة في المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بما يعكس الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية.
وضع أنظمة قانونية وتنظيمية تسهل ممارسة الحكم الذاتي وتحدد العلاقة بين المؤسسات الجهوية والسلطات المركزية.
دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية:
الاستمرار في تنفيذ مشاريع تنموية كبرى تعكس التزام المملكة بتنمية هذه المناطق، مثل مشاريع الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والصناعات التحويلية.
تعزيز برامج الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية عبر تحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية وخلق فرص الشغل.
الترويج للدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي:
استثمار الزخم الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي كمقترح جاد وذي مصداقية لحل النزاع، وواشراك الكفاءات الصحراوية الوحدوية للترويج للمكاسب التي حققتها الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية.
تعزيز التعاون الدبلوماسي لاستقطاب المزيد من الدول التي تدعم المبادرة، بما يشمل فتح قنصليات إضافية في مدن العيون والداخلة.
تفعيل الأبعاد الثقافية والهويّاتية:
دعم المبادرات التي تعزز الهوية الثقافية للأقاليم الجنوبية ضمن الوحدة الوطنية، من خلال الترويج للتراث الصحراوي الحساني وتنظيم فعاليات ثقافية وفنية.
تثمين الخصوصيات الثقافية للأقاليم الجنوبية لتكون جزءاً من الهوية الجامعة للمملكة المغربية.
تعزيز التكامل بين الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة:
تطوير سياسات جهوية تتقاطع مع برامج التنمية الجهوية التي أعدتها المجالس المنتخبة، لضمان انسجام بين أهداف الحكم الذاتي ومبادئ الجهوية المتقدمة.
تقوية آليات التنسيق بين الجهات والأقاليم الجنوبية لتعزيز الالتقائية في تنفيذ المشاريع التنموية.
تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد الازرق والامن الغذائي:
تنفيذ مشاريع بيئية مبتكرة، مثل برامج الطاقة الشمسية والريحية، لدعم الاستدامة الاقتصادية والبيئية في الأقاليم الجنوبية.
تشجيع الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة مثل استخراج الأسمدة من الفوسفات، والزراعة المستدامة باستخدام تقنيات حديثة لتحسين كفاءة الموارد.
تطوير البنيات التحتية للرفع من إمكانات الاقتصاد الأزرق من خلال تعزيز الصيد البحري المستدام، تطوير السياحة الشاطئية، واستغلال الموارد البحرية بشكل يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
تشجيع السياحة الثقافية والبيئية والشاطئية كجزء من استراتيجية شاملة تثمن التراث الطبيعي والثقافي للأقاليم الجنوبية، ودعم خلق فرص عمل جديدة للساكنة المحلية.
تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي:
مواصلة التنسيق بين السلطات المحلية والأجهزة الأمنية لضمان استقرار الأقاليم الجنوبية كمنطقة استراتيجية.
استثمار الموقع الجغرافي للأقاليم الجنوبية لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجالات الأمن والتنمية عبر دول افريقيا الاطلسية.
توسيع نطاق التمثيلية الدولية للأقاليم الجنوبية:
تعزيز مشاركة الأقاليم الجنوبية في المنتديات الدولية والشبكات العالمية، مما يبرز تقدمها في مجال الحكم الذاتي والتنمية.
دعم الأقاليم الجنوبية كمركز محوري للتعاون مع الدول الإفريقية في إطار مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب.
تعزيز الثقة لدى الساكنة المحلية:
توفير قنوات للتواصل الفعال سواء القائمة او المستحدثة مع السكان المحليين لضمان إشراكهم في النقاش المتعلق بتنفيذ الحكم الذاتي.
تطوير برامج تكوين وتأهيل للمنتخبين المحليين والأطر الإدارية لتعزيز القدرات التدبيرية والتمكين من إدارة شؤون الأقاليم بفعالية.