انتهيت أخيرا من قراءة كتاب الفنان والشاعر المغربي عزيز أزغاي، تحت عنوان "التصوير المغربي الحديث: صيرورته التاريخية وإبدالاته الأسلوبية" (الصادر عن دار خطوط وظلال، عمان، 2024).
فوجدته كتابا جميلا ومفيدا، في مجاله، أي مجال الكتابة أو النقد الفني في بلادنا. قال عنه صاحبه في مقدمة كتابه أنه يمثل "إحدى القضايا الأكثر حضورا وتجددا وإثارة، ضمن صيرورة تخلق فن التصوير الحديث والمعاصر في العالم".
ويقصد بذلك "قضية الإبدالات الأسلوبية، بما تحيل إليه من ملمح أدائي خاص، يتأرجح من جهة بين الانتصار لأسلوب التشخيص كتمثل فني يستند على فعالية المحاكاة..، ومن جهة ثانية إلى التجريد، الذي يجسد إحدى المراحل المتأخرة من تاريخ الفن".
جاء هذا الكتاب في فصلين، يضم كل فصل منهما أريعة مباحث. خصص الفصل الأول للحديث عن تاريخ الفن الحديث في المغرب، فيما خصص الثاني للحديث عن التصوير المغربي المعاصر ورهانات الحداثة الفنية، مع نقديم لبعض النماذج المختارة.
ما استخلصته شخصيا من هذا، الكتاب هو أن حركة التصوير المغربي الحديث تأسست على مدى أزيد من نصف قرن، وأنها عرفت أربعة أجيال كبرى:
* جيل الفنانين العصاميين الأوائل (حالة الفنان لمرابط)، الذي ظهر خلال عند بداية القرن 20 ، وتميز بأسلوبه التشخيصي الفطري؛
* جيل الاربعينيات إلى بداية الستينيات والذي تميز بشيء من الجرأة في أسلوبه التجريدي (حالة الفنان الغرباوي)
* جيل مدرستي الفنون الجميلة بتطوان والدار البيضاء (حالة بلكايهة)، والتي تميزت بأسلوبها الحديث الباحث عن الهوية التشكيلية المحلية.
* جيل الثمانينيات فما يلي، والذي سعى للتحرر من مسألة الهوية، لفتح الفنون البصرية المغربية أمام تجارب وآفاق أخرى، تنتمي إلى "الفن المعاصر".
وهي الاجيال التي تشكل، في نجاحاتها وإخفاقاتها، "تجربة فنية فتية"، على حد قول الكاتب، اعتمدت على اجتهادات أصحابها في الغالب. وهذا في نقص، أو غياب مناخ ملائم للفن في بلدنا (من تعليم، ومدارس كافية للتكوين، ومؤسسات حاضنة، وإعلام مواكب ونقد فني واع، وجمهور مطلع...).
كتاب، ليس جديدا في مجاله. ولكنه مفيد، ويستحق الاطلاع عليه. ومتمنياتي لصديقي، الباحث المبدع، عزيز أزغاي، المزيد من الاجتهاد والتوفيق في مساره الفكري والفني.