الجزائر مستعدة للتنكر لمبادئها وعقيدتها السياسية والإيديولوجية ، والتطبيع مع إسرائيل، شريطة ألا تتحقق ترجمة احتفالات المملكة المغربية بالقرار 2797 على أرض الواقع.
إذا كانت جارتنا الشرقية لم تستبعد إمكانية التطبيع مع إسرائيل، فهذا يعني أن المغرب، الدولة العربية والإسلامية وجارة المقاطعة الفرنسية السابقة، يُشكّل تهديداً على الجزائر أخطر من إسرائيل.
بعبارة أخرى، الجزائر، التي لم تُسمح للمغرب بتطبيع علاقاته مع إسرائيل، قد تجد، على عكس ذلك، راحة ومتعةً كبيرتين إذا أقدمت بنفسها على التطبيع مع إسرائيل.
فبالرغم من الاختلافات العقائدية، ولأن السياسة الخارجية الجزائرية تقوم على الحشو في الشعارات ضد الصهيونية والامبريالية ، فإن التطبيع يهدف إلى تجميد عملية تسوية نزاع الصحراء، التي أقرها مجلس الأمن، وكذا منعها من بلوغ أهدافها ومراميها.
لأن الجزائر ترى في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مفتاحًا للمأزق الذي توجد فيه اليوم. ويعدّ استعادة المغرب لـ"صحرائه" الغربية كابوسًا حقيقيًا للقادة الجزائريين، الذين بدّدوا "ثروة قارون" في هذا المشروع، ليس من أجل سواد عيون جماعة من المرتزقة، بل لوضع هذه المنطقة تحت سيطرتهم ووصايتهم لبلوغ المحيط الأطلسي. وفي الوقت نفسه، تُحقق الجزائر حلم بومدين بتطويق، بل وخنق، النظام الملكي وتقييده، لفرض إملاءاتها.
بالإضافة إلى التصويت لفائدة القرار الأميركي حول غزة وتفكيك حليفها التقليدي حماس، الذي أثار السخط في عقر الجزائر، تُكثّف الطغمة العسكرية الجزائرية إشاراتها في اتجاه تل أبيب وواشنطن كونها على استعداد للارتماء في أحضانهما، والتخلي عن عقيدتها و عن المصطلحات الأيديولوجية السابقة كالإمبريالية والصهيونية، وإدارة ظهرها لحلفائها السابقين التقليديين، شريطة عرقلة العملية التي أطلقها مجلس الأمن، بمبادرة من واشنطن، في أسرع وقت ممكن، وقبل موعد أكتوبر 2026.
ولبلوغ هذا الهدف، أبلغ السفير الجزائري في واشنطن الولايات المتحدة وإسرائيل، عن نوايا بلاده ولا سيما التطبيع مع الدولة العبرية، في انتظار المفاوضات في هذا الشأن.
وفي المقابل، لن تطالب الجزائر إلا بشيء واحد وأوحد و هو إعادة التفاوض من نقطة الصفر حول نزاع الصحراء الغربية. إنه من المستغرب أن تقترح الجزائر وساطتها لمجرد كونها دولة مجاورة لأطراف النزاع !
من جهة أخرى، فعّل المجلس العسكري شبكة المسجد الكبير في باريس، الذي يُعدّ، وفقًا للسلطات الفرنسية، ثكنة للمخابرات الجزائرية.
وقد استقبل رئيس الجامع، شمس الدين حفيظ، الذي تربطه علاقات مباشرة ً بالرئاسة الجزائرية، تشارلز كوشنر، السفير الأمريكي في باريس وصهر دونالد ترامب، بناءً على توصية من قصر المرادية.
ويرغب المجلس العسكري في التواصل مباشرةً مع البيت الأبيض، مُستغلًا علاقات ترامب العائلية. ويبدو أن القادة الجزائريين مستعجلين ، ويخشون أن تسير الأمور بوتيرة سريعة في تنفيذ القرار 2797.
و تندرج مناورات ومراوغات الجزائر في مجلس الأمن إلى حدود هذا اليوم ضمن محاولات يائسة تستدعي الإدانة والاستنكار.






