أثارت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السياسي والوزير السابق، محمد أوجار، والتي أقر فيها بهيمنة "الدولة العميقة" والإدارة الترابية على القرار العمومي وتهميش دور المنتخبين، موجة واسعة من الجدل، لم تقتصر على تحليل مضمونها، بل امتدت لتطال دوافعها وتوقيتها.
وقد هيمنت التعليقات والتحليلات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي على اتهام أوجار بـ"الهروب إلى الأمام" و"الانتهازية السياسية" للتنصل من المسؤولية.
ويجمع المحللون والنشطاء الذين تفاعلوا مع مداخلة أوجار، على أن حديثه عن عجز السياسي أمام البيروقراطية لا يعدو كونه "اعترافاً مصمماً بدقة يكشف عن بعض الحقائق ويحجب أخرى"، وفقاً لمقال نشره الصحفي مصطفى المنوزي، على حائطه الفيسبوكي.
دوافع شخصية وتوقيت مثير للشكوك
وشكلت دوافع أوجار، الذي ينتمي إلى الحزب الحاكم، أبرز نقاط النقد اللاذع، حيث شكك عدد من المعلقين على مقال المنوزي، في صدقية هذه "الجرأة" القادمة من داخل النظام، ورأوا أنها تخدم مصالح شخصية وليست دعوة للإصلاح.
وفي هذا الصدد، أشار الكاتب عبدالجليل أبو المجد إلى أن "الرجل يبحث عن موقع بعدما جربوه في عدة [مناصب] لا أكثر ولا أقل". وهو الرأي الذي عززه نشطاء فيسبوكيون ربطوا بين التوقيت المختار للتصريحات وبين "الحنين إلى السلطة ودفء الكراسي"، معتبرين أن هذه الخطوات هي "محاولة لاستغفال العامة من الناس بخرجات غير مبررة وغير مستساغة أخلاقياً وسياسياً".
كما رأى رشيد رفقي، الأستاذ المتقاعد، في خطاب أوجار جزءاً من أسلوب "لرجال سياسيين بين قوسين همهم التواجد باستمرار في مختلف الهيئات والمؤسسات"، واصفاً إياهم بـ"العدميين".
تبرير الفشل وتغطية الفضائح
ووجهت لأوجار اتهامات مباشرة باستخدام هذه التصريحات كغطاء لتبرير ضعف الأداء السياسي لحزبه، خاصة مع اقتراب موعد الاستحقاقات المقبلة وتراكم الانتقادات الموجهة للأغلبية الحكومية.
وأكد أحد المعلقين أن هذه التصريحات هي في جوهرها "تصريح يخفي فشل حزبه والذي ما فتئ يدافع عن إنجازاته". مشيراً إلى أن أوجار وأمثاله يلجؤون إلى "سياسة النعامة وتبرير غير المبرر" بعد أن وصلوا إلى "الباب المغلق من الإنجازات الوهمية" وتراكمت "الفضائح تلو الأخرى".
وذهبت تعليقات أخرى إلى اتهام أوجار بمحاولة "الاختباء من كثرة فضائح السياسيين بهذه الخرجة"، مسلطة الضوء على ملفات فساد مرتبطة بالصفقات العمومية وتضارب المصالح داخل الحكومة.
اتهام بالانتهازية والتخلي عن المسؤولية التاريخية
وشكك المنتقدون في شرعية أوجار لمثل هذا الخطاب، خاصةً أنه لم يخرج به إلا بعد أن قضى سنوات في مناصب عليا واستفاد من النظام القائم.
وفي تحليل نقدي لاذع، قال أحد الناشطين: "أوجار كان عليه ملي نجحوا في الانتخابات يستقلوا بدعوة أن الداخلية هي رئيس الحكومة الفعلي ماشي حتى كلاوا وشربوا وشبعوا لعاقة من المال عاد جاي يخبر علينا هاد الخبيرة". معتبراً أنه بحديثه عن "السياسي الضحية"، يمارس "منطق الله غالب [الذي] يشرعن لخضوعها وهو عذر أقبح من زلة لأنه يضرب شرعية المؤسسات الأخرى".
كما وصف ناشط آخر الخطاب بأنه "أكبر مهزلة"، وأن أوجار هو "نتاج هذا المسار الذي جعله وزيراً وقيادياً بلا معنى"، متسائلاً عن دوره التاريخي: "متى ناضل هذا الشخص؟ متى نزل عند الجماهير؟".
ويشار إلى أن المنوزي خلص في مقاله إلى أن هذا الخطاب، رغم اختراقه لجدار الصمت الرسمي، يظل "ناقصاً لأنه توقف عند السطح دون الغوص في لب الأزمة"، مجدداً التساؤل عن الحل الحقيقي: هل المشكلة في الإدارة أم في بنية السلطة ذاتها؟ وهي الأسئلة التي يراها النقاد تجنباً للخوض في جوهر الأزمة السياسية بالمغرب.






