قضايا

توصيف ظاهرة الأخبار الزائفة مرتبط بالانتقال إلى “عهد ما بعد الحقيقة ”

سعيد بنيس

 

يبدو أن توصيف ظاهرة الأخبار الزائفة مرتبط بالانتقال إلى “عهد ما بعد الحقيقة ” أو “ما بعد الوقائع ” المصطلح الذي اقترحه رالف كييز سنة 2004 وهو مصطلح يحيل على تطور التفاعلات بين المجتمعي والرقمي في القرن 21 بفعل الاستعمال الاجتماعي للأنترنيت وبالخصوص شبكات التواصل الاجتماعي.

وقد وظف هذا المصطلح سنة 2004 في الولايات المتحدة للإحالة على الخطابات السياسية التي لا تعتمد على الوقائع والحقائق والأدلة بل تخاطب عاطفة وإحساس الفرد وشعوره من خلال عبارات خطابية رنانة ومأثرة وهو ما يمس بمصداقية الأخبار التي تروجها الفضاءات الرقمية وكمثال على ذلك ما حصل سنة 2016 إبان حملة البريكست أو ما وقع في الانتخابات الأميريكية.

كما أن هذا المصطلح اعتبر في 2016 مصطلح السنة من طرف قاموس أكسفود. لهذا فالحديث علي “عهد ما بعد الحقيقة” يحيل على هيمنة الخبر والمعلومة التي تخاطب مباشرة الوجدان والأحاسيس وهذا ما يفسر ظهور موجة الفايك نيوز  التي تواري الخبر والمعلومة الموضوعية القائمة على دلائل فعلية.

وفي هذا الصدد أجرى ثلاثة باحثين من معهد ” ماساشوستس للتكنولوجيا “، دراسة نشرت في مجلة ” ساينس ” العلمية، وخلصت الدراسة إلى أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يميلون إلى مشاركة الأخبار الزائفة على نحو أوسع وأسرع مقارنة بالأخبار الحقيقية.

فيما يخص المجتمع المغربي وانطلاقا من طبيعة قيمه التي تتأرجح بين الفردانية والجمعية وتجدر الثقافة الشفوية يصبح تشارك الخبر طقسا من طقوس العيش المشترك والحظوة المجتمعية.

  كما أن عدم استبطان خطر الأخبار الزائفة يشكل عاملا أساسيا لاستفحال الظاهرة بالإضافة إلى بعض الأرقام حول اتصالية المغاربة ( أرقام الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات) والانتقال من مجتمع التواصل إلى مجتمع الاتصال وتفاقم الأمر مع فترة الحجر الصحي حيث تزايد الاتصال الرقمي و انضافت إليها إشكالات العزلة الرقمية مما دفع بالبعض لإبراز فاعليته وتواجده داخل الشبكة من خلال ترويج أخبار كاذبة.

في سياق آخر يمكن اعتبار أن تأجيج الأخبار الزائفة وانتشارها  مرده كذلك حاجة المتلقي إلى تعويض نفسي على بعض الاحباطات الفردية والمجتمعية لا سيما أن هذه الأخبار تنبني على الذاتية والخدعة والافتراء والإشاعة والتشهير حيث يصير الخبر الكاذب معلومة يتقاسمها  وتنشرها بوثيرة وبائية منصات أو أشخاص مختصين في الميديا.

وهي كذلك أخبار مفبركة لأن أصحابها يعمدون لتوضيبها في شكل رسمي أو إداري أو لغوي أو ثقافي أو هوياتي أو فني أو إعطائها صبغة معقدة توحي بصدقها من خلال جداول ورسوم وإحصائيات.

 وهي كذلك محاولة للاستغباء من خلال خلق البوز والحصول على أكبر عدد من المشاهدات. ومن هنا تأتي قوتها ويصبح مفعولها فيروسي ووبائي مع قوة بعض “الالكوريتمات” التي تساعد على انتشارها السريع والصاروخي.