أبرزت صحيفة ”لوموند” الفرنسية، الدور المحوري الذي بات يلعبه المغرب في منطقة الساحل كوسيط محوري يتعاون مع الغربيين، على عكس فرنسا التي توترت علاقتها مع مجالس الحكم العسكري بمالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأكدت الصحيفة الفرنسية البارزة، في مقال تحت عنوان: ”المغرب يثبت نفسه كوسيط أساسي للغربيين في منطقة الساحل”، أن المملكة، بفضل دبلوماسيتها الحكيمة، استطاعت الحفاظ على علاقات إيجابية مع هذه القوى الحاكمة.
وأوضحت أن جهود المملكة أثمرت مؤخرا، بتدخل من الملك محمد السادس، إطلاق سراح أربعة فرنسيين من المديرية العامة للأمن الخارجي كانوا محتجزين في بوركينا فاسو، مشيرة إلى أن هذا التطور عزز مكانة المغرب كوسيط استثنائي بين الغرب والمجالس العسكرية الحاكمة في باماكو، واغادوغو، ونيامي.
بعد عام من الجمود، يضيف المنبر الفرنسي، أعلن المغرب عن تمكنه من تأمين إطلاق سراح المسؤولين الأربعة، بعد نجاح في تحقيق اختراق في المفاوضات، في خطوة أثبتت قدرة الرباط العالية على التفاهم مع الأطراف المختلفة. وجاء هذا الإفراج بناءً على طلب الملك محمد السادس، واستجابة من قائد المجلس العسكري في بوركينا فاسو، الضابط إبراهيم تراوري.
وقالت ”لوموند” إن هذا النجاح لم يكن مجرد إنجاز دبلوماسي للمغرب، بل شكل خدمة إستراتيجية لفرنسا التي واجهت صعوبات غير مسبوقة في التواصل مع الحكومة الجديدة في بوركينا فاسو، موضحة أن العلاقات الفرنسية مع تلك الدولة شهدت قطيعة جذرية منذ تولي تراوري السلطة، حيث رفض أي تقارب مع باريس وأمر الجنود الفرنسيين بمغادرة البلاد.
في نفس السياق، كشفت أن فرنسا اضطرت للاعتماد على وساطات أطراف ثالثة لفتح مسار التفاوض، ورغم تدخل الإمارات وتوغو لتسهيل عملية الإقامة الجبرية للرهائن، فإن جهود الرباط كانت الفاصلة والناجحة.
وأكدت الصحيفة أن المغرب لعب دورا مركزيا في قضايا أخرى في الساحل، مثل إطلاق سراح مسؤول أمني روماني مختطف منذ 2015 بفضل وساطة الأجهزة الاستخباراتية المغربية. هذا الإنجاز سبقته جهود أخرى شملت إعادة مهندس مدني ألماني كان محتجزاً في مالي.
وبالنسبة للأزمة الحالية في النيجر، تعمل الأجهزة المغربية، وفق تقارير متخصصة، على التوسط بشأن الإفراج عن الرئيس المحتجز محمد بازوم، وفقا ”لموند دائما”.
تشير المصادر إلى أن المغرب يُنظر إليه كطرف محايد نسبياً، مما يمنحه أفضلية خاصة كونه ليس عضواً في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي فرضت عقوبات شديدة على التحالف الجديد المكون من النيجر ومالي وبوركينا فاسو. كما حافظ المغرب على علاقاته الوثيقة مع الحكومات الجديدة دون أن يدين التغييرات السياسية التي شهدتها المنطقة.
وشددت على أن الدبلوماسية المغربية تستند إلى سياسة براغماتية تتيح تبادل الخبرات الأمنية والتعاون المشترك، مع التركيز على مواجهة الإرهاب والتطرف دون أي مس بسيادة الدول.