سلسلة الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مع مهنيي القطاع الفلاحي، بمختلف أطيافهم، و الذين هم، في الحقيقة، مهنيو مخطط " المغرب الأخضر"، لم تخرج بأية نتيجة، لم يتمخض عنها أي قرار لخفض الأسعار، اللهم مناقشة موضوع الرسوم المطبقة على بعض المنتجات الزراعية، ليس في اتجاه الرفع منها ( فالزيادة من راس لحمق)، و لكن، و هذا هو الأكيد، في اتجاه تخفضيها، وبذلك تزيغ هذه الاجتماعات عن أهدافها، فعوض تخفيض أسعار الخضر، تُخفّض الرسوم المفروضة على المنتجين، ولتبقى، بعد ذلك، الأسعار مستقرة في ارتفاعها، كما تشير إلى ذلك توقعات المندوبية السامية للتخطيط.
و لا أحد يفهم علاقة تزويد السوق بالخضر و الفواكه بهذه الرسوم، كما أنه لا أحد يعرف تفاصيل هذه الرسوم، ونسبها، ولمن تؤدى، وكيف يتم تحصيلها، ومن سيكون المستفيد من التخفيض: المنتج أم المستهلك؟
هذه الاجتماعات فتحت الباب أمام اجتماعات أخري، ولجان، و مشاورات، ومفاوضات، أما الأسعار، فلا يمكن معالجة معضلتها بتخفيض الرسوم، و لكن بضبط سلاسل التوزيع، التي يمسك بكل عقدة منها مضارب أو سمسار من دون أن يتسنى للحكومة معرفتهم، رغم أن أغلبهم يقف أمام مداخل الضيعات الفلاحية أو أمام أبواب أسواق الجملة او يقيم بداخلها.
و في التصريحات التي ادلى بها مهنيو "المخطط المغرب الأخضر"، ربط بعضهم الغلاء بالحرب الروسية - الاوكرانية، رغم أننا، بلد لا يستورد الخضر، بل نصدرها، بل إن البلدين معا سوق رئيسي للبرتقال المغربي، و رغم أن هذا المخطط جاء لتحقيق الأمن الغذائي من الحبوب، والحليب واللحوم والزيوت، فإن هذه المواد أصبحنا، والحمد لله، نستوردها جميعا، و نصدر مقابل ذلك ثروتنا المائية، مستنزفة في حبات "الأفوكا" و" الفريز" و "الدلاح"، و"الطماطم"، وحتى البرتقال...
ارتفاع الأسعار سيستمر، لأن فراسة المندوبية السامية للتخطيط، لا تخطئ، و عوامل الغلاء معروفة، تبدأ بالخروج عن الأنماط الزراعية التي كانت توفر للمغاربة، إن لم تكن كل حاجياتهم، فعلى الأقل أغلبها، و تنتهي بارتفاع تكلفة النقل (الذي ارتفع بأزيد من 8 في المائة ما بين يناير وفبراير رغم الدعم الحكومي للنقل الطرقي بحوالي 5 مليار درهم) بسبب تواطؤ شركات المحروقات، التي تتنافس على إبقاء ثمن البنزين والغازوال في مستويات، أكثر بكثير من سعر البرميل من النفط في البورصات العالمية، و في إصرار الحكومة على الإبقاء على الرسوم والضرائب المفروضة على المحروقات من دون أي تخفيض، ما دامت تشكل موردا أساسيا للخزينة، عوض أن ترفع الضريبة على أرباح شركات المحروقات.
أما الجفاف، فهو معطى طبيعي، وقد عاشه المغرب مرارا وتكرارا، من دون أن نصل إلى كل هذا الخصاص.