وأنت تدخل مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية تحس وكأن أفقاً بحجم الدنيا قد انفتح أمامك. هي المدن لا تكتسب قيمتها إلا بالناس، وخاصة إذا كان الناس بطيبة وصدق أهل الدار، وأريحية ونبل والمكانة الاعتبارية للضيوف الأشقاء الذين لا تكتمل الفرحة والفرجة والمعرفة إلا بحضورهم الوارف والوازن. كانت الدار البيضاء دائما وأبداً حشبة مسرحية كبيرة، وساحة لقاء المسرحيين المميزين الذين ناضلوا من أجل أن يتنفس المسرح داخلها هواء الحرية. المهرجان الدولي للمسرح الجامعي أعطاها بعدها الفني الدولي الذي كان ولا يزال بحق فرصة لتجديد اللقاء وتلاقح الأفكار، وتمازج التجارب. هو لقاء التواطؤ، مع سبق الإصرار والترصد،.. لقاء النيات المبيتة من أجل الاستمرار ضداً على كل الإكراهات والعوائق والحواجز المرئية وغير المرئية. مئات التظاهرات والمهرجانات والمؤتمرات المسرحية عرفتها مدينة الدار البيضاء عبر تاريخها الفني المشرق. وسيعطيها المهرجان العربي للمسرح (من الافتتاح البهيج إلى الاختتام الراقي) حركية درامية جديدة، وبعداً فنياً وثقافياً، تحتاجه في زمن الانكماش والتفاهة. من 10 إلى 16 يناير 2023 مسافة قصيرة زمنياً، ولكنها عريضة وشاهقة وممتدة عمقاً وطولاً.. هي مسافة الاحتفال المتعدد والمتنوع.. ندوات فكرية - ورشات تطبيقية- عروض مسرحية- مقابلات صحفية- لقاءات وتجارب وأسماء كبيرة ومبدعون ونقاد من دول عربية مختلفة، ومن حساسيات درامية متباينة.. في هذا المهرجان سيحضر عشاق الفن والثقافة، وسيغيب أعداء النجاح.. في هذا المهرجان الذي وصل سن الرشد (الدورة 13) وكتب بمداد خاص معلناً بذلك أن الرقم حينما يصبح عشرياً يصعب إلغاؤه أو تجاوزه، أو محوه، لذلك أعلن المنظمون أنهم عازمون على اقتراف المزيد من الأرقام وتوالي الدورات بزخم أكبر وأكبر.. وصرح الحاضرون الحالمون: متعطشون إلى المزيد من جرعات المسرح فالمدينة تحتاج هذا الأوكسيجين.. تحتاج إلى الأعياد المسرحية، وإلى الفرجات ولقاء النقاد والأدباء والمفكرين بالمبدعين وصناع الكلام والصور والمشاهد.
رأي