-التمسك بالتقاليد والعادات مع الرفض لماهو حديث وجديد: في العديد من المجتمعات الإسلامية ، قد يواجه التجديد الديني مقاومة شديدة من قبل التيارات المحافظة التي تعتبر أن أي تعديل أو تجديد في التفسير الديني أو الفهم التاريخي للنصوص الشرعية وسياقاتها يمثل تهديدًا لهوية الدين وعقيدته.
-الاختلافات المذهبية والطائفية: تعد التعددية المذهبية والطائفية من أكبر العوائق أمام التجديد الديني، حيث يمكن أن يؤدي الاختلاف في تفسير النصوص والشعائر الدينية إلى صعوبة التوصل إلى إجماع حول القضايا الجوهرية، مما يعوق الإصلاحات المطلوبة في الحقل الديني العربي .
-التحديات السياسية: للأسف، في بعض البلدان العربية والإسلامية، يتم استغلال الدين وتفسيره وتأويله حسب هوى الحزب الحاكم ومصالحه، ما يجعل أي محاولة للتجديد والإصلاح الديني قد تكون مرفوضة من قبل الدولة نفسها أو القوى السياسية التي تستخدم الدين لمصالحها السياسية .
-الاستغلال الأيديولوجي: بعض الجماعات الدينية قد تسعى لاستغلال الدين لأغراض سياسية أو أيديولوجية، مما يجعل التجديد الديني مرفوضًا من قبل هذه الجماعات التي ترى أن أي تغيير قد يهدد مصالحها أو معتقداتها المتشددة.
-نقص الفهم العميق للتراث: في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي نقص الفهم العميق والدقيق للتراث الديني إلى تفسيرات ضحلة أو مشوهة للنصوص، مما يعقد عملية التجديد الديني ويجعلها أكثر تحديًا.
-الاختلاف حول مفهوم "التجديد" نفسه: قد يختلف فهم التجديد الديني بين الأفراد والمجموعات، فبينما قد يراه البعض ضرورة لتكييف الدين مع متغيرات العصر، قد يراه آخرون تهديدًا لثوابت الدين وقيمه الأصلية.
-التحديات الفكرية والعلمية: في العصر الحديث، تواجه المجتمعات الدينية تحديات فكرية بسبب التقدم العلمي والفلسفي، ما يجعل بعض المعتقدات الدينية التقليدية تبدو متعارضة مع الاكتشافات العلمية أو مع مفاهيم العصر الحديث مثل حقوق الإنسان والعلمانية والحداثة والعدالة الاجتماعية وغير ذلك..فالجمود الفكري والتشبث بالتقاليد والأعراف ينعش التعصب الديني في المجتمعات ويؤثر فيه بشكل سلبي، من خلال زعزعة التعايش العام بين أفراد المجتمع ورفع الحب والمودة بين أفراده ووضع الكره والبغضاء بدلاً عنه. وهذا من شأنه أن يجعل المجتمع ضعيفاً مفككاً ويشكلُ أرضية خصبةً لظهور النزاعات والخلافات، وربما تتطور إلى حروب تسفكُ فيها دماءُ الأبرياء؛ لهذا بدون تجديد وبدون إصلاح ديني عميق في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي لا أمل يرجى من "الثورات" العربية في، إقامة دولة مدنية عادلة يأمن فيها الإنسان على عرضه وماله ودمه؛ بل هذه الثورات ستزيد في تمزيق وتقسيم هذه الدول وتشتيتها وتخلفها وضعفها..! .
ختاما، التجديد الديني يتطلب نهجًا متوازنًا يعترف بالماضي ويستشرف المستقبل، ويأخذ في اعتباره خصوصيات المجتمع وحاجاته مع الحفاظ على جوهر الدين ومقاصده الكلية؛ خدمة لقيم الرحمة والتسامح والحرية والكرامة والمساواة والعدل، وأينما يكون العدل فثم شرع الله، يقول ابن القيم: “إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله وأنزل كتبه؛ ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذى قامت به الأرض والسموات، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه، فثم وجه الله ودينه ورضاه وأمره”.
وفي هذا السياق يقول الإمام الغزالي رحمه الله : " إن شريعة الله عدل كلها، ورحمة كلها، مصالح كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث. فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله في عباده، ورحمته بين خلقه" .