"الكنوبس"، بصفته صندوقًا موجهًا لموظفي القطاع العام، يرتكز على نظام اشتراكات وتدبير خاص، يضمن للمستفيدين خدمات بمستوى معين. أمأ CNSS، فهو نظام أوسع نطاقًا، موجه أساسًا للقطاع الخاص، ويعاني أصلاً من تحديات مالية وبنيوية، قد تتفاقم مع إضافة أعباء جديدة إليه.
- التباين القانوني : فجوة يصعب ردمها
يعتبر النص القانوني هو المحدد الأساسي في موضوع الدمج الذي من شأنه أن ينظم عملية الإستفادة من الخدمات المقدمة من طرف كل صندوق، مما يزيد من صعوبة الدمج بناء على تفاوت الخدمات وكذا طريقة الاشتراك، فالكنوبس يعمل تحت مظلة قوانين خاصة، ويستفيد من دعم الدولة لضمان استدامة خدماته وعدم توقفها.
أما مؤسسة الضمان الاجتماعي، فتخضع للقانون رقم 65.00 المتعلق بالتغطية الصحية الأساسية، ويعتمد أساسا على اشتراكات القطاع الخاص لتوفير الخدمات. مما يثير المخاوف من أن يؤدي الدمج إلى التراجع في جودة الخدمات المقدمة، خاصة لمستفيدي "الكنوبس"، الذين اعتادوا على نظام أكثر استقرارًا ومرونة،
"الكنوبس" على سبيل المثال، يوفر تغطية صحية شاملة لموظفي القطاع العام، تتضمن العلاج الطبي الوقائي، الجراحي، والأدوية، بالإضافة إلى تغطية تكاليف الاستشفاء في المستشفيات والمراكز الطبية المتعاقدة مع الصندوق. كما يوفر خدمات طبية إضافية مثل الفحوصات الطبية المتخصصة والعلاج طويل الأمد.
أما مؤسسة الضمان الاجتماعي، فتوفر خدمات صحية مشابهة، لكنها قد تكون أقل شمولاً مقارنة بـ "الكنوبس"، خاصة في ما يتعلق بالخدمات الطبية المتخصصة. كما أن تغطية تكاليف العلاج قد تختلف حسب نوع الخدمة الطبية والمستشفى أو المركز الصحي المتعاقد معه، ومن جهة أخرى فـ "الكنوبس" يتيح للمستفيدين اختيار مقدمي الخدمات الصحية من بين مجموعة من المؤسسات الصحية المتعاقدة مع الصندوق. إلا أن النظام قد يفرض بعض القيود على اختيار المستشفيات أو الأطباء في بعض الحالات، على خلاف CNSS رغم أنه يوفر أيضًا مرونة للمستفيدين في اختيار مقدمي الخدمات الصحية، سواء في القطاع العام أو الخاص، ولكن يفرض قيودا صارمة، مما يجعل المستفيدين أمام تحديات كبرى في الوصول إلى بعض الخدمات المتخصصة أو في حالات الطوارئ، نظرًا لتعدد الخيارات المتواجدة.
- المخاوف المعلنة بين واقع الدمج والتراجع عن المكتسبات
إن المخاوف التي عبّرت عنها النقابات، وعلى رأسها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ليست وليدة فراغ. فالمشروع يحمل في طياته تحديات حقيقية من بينها:
1 ـ تآكل المكتسبات :
هناك مخاوف حقيقية وإرهاصات من أن يؤدي الدمج إلى فقدان الموظفين العموميين لحقوقهم المكتسبة، سواء على مستوى جودة الخدمات الصحية أو على مستوى الاشتراكات، خاصة وأن طريقة الإشتراكات في "الكنوبس" تدخل في خانة التعاضد القطاعي .
2 ـ الضغط على الضمان الاجتماعي :
يعاني الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من اختلالات مالية وإدارية، وقد يؤدي تحميله مسؤولية إضافية إلى انهيار نظامه، مما يهدد استدامة التغطية الصحية بشكل عام.
3 ـ غياب الحوار الاجتماعي :
يعتبر اتخاذ القرار الخاص بالدمج دون تشاور كافٍ مع النقابات والشركاء الاجتماعيين ضعفًا في المقاربة التشاركية، مما يفتح الباب أمام احتجاجات قد تعصف بالسلم الاجتماعي. وهذا ما عبرت عنه النقابات وعلى رأسها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، رفضها الصريح لمشروع الدمج، معتبرة أنه يهدد بتقويض المكتسبات الاجتماعية للموظفين العموميين.
على سبيل الختم:
إن دمج "الكنوبس" في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليس مجرد إجراء إداري بسيط، بل هو خطوة تحمل في طياتها رهانات كبرى على مستقبل الحماية الاجتماعية في المغرب. وبينما قد يبدو المشروع طموحًا في ظاهره، فإن نجاحه يتوقف على مدى قدرة الحكومة على معالجة الإشكالات القانونية والمالية المرتبطة به، وضمان إشراك حقيقي للشركاء الاجتماعيين وعلى رأسهم النقابات.