قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، الأٍبعاء بالرباط، إنه على مدى 26 عامًا من حكم الملك محمد السادس، كانت قضايا النساء وحقوقهن، والتمكين لهن، في صلب الإصلاحات التي اعتمدتها المملكة، ومنها الإصلاحات الدستورية التي جعلت من المساواة بين الرجل والمرأة في الحريات والحقوق الأساسية أحكاما مركزية والْتقائية مع ما ترتب، وسيترتب، عن ذلك من إصلاحات ومداخل مؤسساتية وتشريعية وتنظيمية وقرارات تنفيذية.
وأضاف الطالبي العلمي، في افتتاح الدورة الثانية للمنتدى البرلماني السنوي للمساواة والمناصفة، أنه في ظرف ربع قرن فقط، أنجز المغرب إصلاحات جوهرية على هذا الطريق من عناوينها:
1.مدونة أسرة في سنة 2004، فلسفتها المسؤولية المشتركة لأطراف الأسرة، وجعل النساء مشاركات على قدم المساواة مع الرجال، في القرار الأسري وتدبير أحوال ومآلات الأسرة، ثم فتح ورش مراجعة هذه المدونة وفق منهجية الإشراك والتشاور والإصغاء لمكونات المجتمع في 2023؛
2. تشريعات متقدمة لحماية النساء من العنف بمختلف أشكاله؛
3. تشريعات لتكريس التمييز الإيجابي لفائدة النساء لتمكينهن من ولوج مراكز القرار والمؤسسات التمثيلية والتداولية وطنيا وترابيا؛
4. سياسات وبرامج عمومية تجعل المرأة في صلب التنمية، إنجازا واستفادة؛
5. الحرص على أن تتبوأ النساء مراكز القرار التنفيذي مركزيا وترابيا؛
6. سياسات إرادية في مجال التعليم بدءًا من التعليم الأولي، حيث تحققت مؤشرات جد إيجابية من أهمها انتقال نسبة الطفلات اللواتي يلجن التعليم الأولي، في ظرف سبع سنوات، إلى 93 %؛
7. تثمين وتحفيزات ملموسة رفعت عدد النساء اللاتي يُعِلْنَ أسرة أو تساهمن في إعالتها من موارد ومؤسسات الاقتصاد الاجتماعي إلى أكثر من 270 ألف، سيدة، الأغلبية الساحقة منهن في الوسط القروي.
وأوضح رئيس مجلس النواب، أنه إذا كان ما تحقق يدعو للارتياح، فإنه بالتأكيد غير كاف، ويسائلنا جميعا ويضعنا أمام مسؤوليات تغيير التمثلات المجتمعية عن قضية المساواة والمناصفة، وتحويل هذا المبدأ، وهذه القيمة، إلى مُكَوِّنٍ ثقافي وسلوكٍ اجتماعي، يَتَمَلَّكُهُ الجميع، ويتصرف الفاعلونَ السياسيون والمؤسساتيون والمدنيون على أساسه في قراراتهم.
وأكد العلمي ضرورة البناء على التراكم في الإصلاح، وتجنبَ التجاذبات في قضية مجتمعية هي على درجة من النبل والشرعية والقيمة التاريخية، ما يفرض "علينا التوافق والاحتكام إلى الدستور بشأنها، وتَمَثُّلَ فلسفةِ حُكْمِ الملك وحرصه على المساواة والإنصاف" مسحضرا في هذا الصدد، قول الملك محمد السادس على أن المشاركة الواسعة للمرأة في المؤسسات تتطلب - يقول جلالته - "نهضة شاملة وتحولا عميقا في العقليات البالية والوعي الجماعي، وفتح المجال أمام المرأة بما يناسب انخراطها في كل مجالات الحياة الوطنية بما أبانت عنه من جدارة واستقامة وتفان في خدمة الصالح العام".
وأشار الطالبي العلمي إلى أنه خلال العشريتين الأخيرتين، انتقل عدد النساء في مجلس النواب، مثلا، من نائبتين في سنة 1993 إلى 35 سيدة في 2002، وإلى 96 سيدة عضو في المجلس الحالي أي بنسبة 24.30 في المائة. وارتفعت نسب عضوية النساء في الوحدات الترابية، من 2.21% في المجالس الجهوية سنة 2009 إلى 37.61%سنة 2015 ثم إلى 38.50% في 2021، وفي المجالس الإقليمية من 2.25% سنة 2009، ثم 4.18% سنة 2015 إلى 35.60%سنة 2021، وفي الجماعات المحلية من 12.33%سنة 2009 إلى 21.18% سنة 2015 و26.64 %حاليا.
وعلينا، يتابع رئيس مجلس النواب، أن نَبْنِيَ على هذا المنجز من تواجد النساء في الهيئات التمثيلية الجهوية والإقليمية والمحلية، باعتبارها مشتلا لاستنبات النخب، لمواصلة المسار إلى هدف المناصفة.
وحيث إن هذا الهدف مشمول بعناية ملكية فائقة، ويعتبر مشتركا سياسيا بين مكونات الحقل الحزبي الوطني، فإنه يضعنا أمام مسؤوليات عديدة منها:
1. مسؤولية تمثل مبادئ المناصفة والمساواة والانصاف والتمكين وجعلها الْتقائية في العمل العمومي السياسي والمدني وترسيخ هذه الثقافة في المجتمع، والتربية عليها وجعلها جزءا من تنشئتنا الاجتماعية وفي ثقافتنا السياسية.
2.التعبئة الجماعية من أجل تثمين تجارب النساء البرلمانيات بعد انقضاء فترة انتدابهن، وجعل هذه الكفاءات رافدا لمشروع وطني للتداول بين النخب وإعادة تدويرها وفتح المجال أمامها.
وإذا كان عدد عضوات مجلس النواب المتراكم منذ 1993، يبلغ 318 برلمانية، تمرسن على العمل البرلماني والسياسي واكتسبن خبرات ميدانية، فإنه ينبغي استثمار هذه الكفاءات وتحفيزها على مواصلة الاشتغال في المجال العام، وجعلها مساهمة في تغذية وتطوير العمل السياسي والمدني والمؤسساتي، وفق تعبير العلمي.





