قضايا

خدعة قياس المغرب على المشرق

محمد الخمسي ( باحث و مفكر)

القياس ليس منطقا للاستدلال السليم دوما، بل هو أضعف وأخف الأدلة، خاصة في العلوم الاجتماعية والسياسية.

هذا ما يقع فيه بعض عقول الشرق حين يقرؤون الاحتجاجات في المغرب، وهنا أرصد بعض الأخطاء التي تقع فيها بعض عقلية المشرق، ومنها:

 

1- أن المشرق سالت فيه دماء كثيرة بمنطق الصراع الطائفي، الذي تحول إلى صراع سياسي، وهو ما وقع حديثا دون استحضار الأهوال قديما، وهذا المرض نجى الله منه المغرب سنين عددا، مرضاهم ينتظرون حدوث ذلك عندنا حسدا من عند أنفسهم، أمر استعصى على كثير منهم أدراك أسرار منع وقوعه.

2- المغرب يشتغل بالمؤسسات، صحيح أنه قد تضعف هذه المؤسسات، ولكن هي الثابت في الوعي العام، والمغاربة يؤمنون حد النخاع بموضوع فصل السلط، وحراكهم الآن ومن قبل حول هذا الثابت أي فصل السلط، وأن كل سلطة يجب أن تقوم بواجبها، وهذا ما لم يستوعبه عقل بعض المشارقة.

3- المغرب يؤمن بمؤسسة التحكيم، وهو أمر لم تستوعبه حتى عقول نخبهم في الشرق فكيف بعقول عامتهم.

4- المغرب استطاع حل إشكال الدين من خلال مؤسسة إمارة المؤمنين، صحيح قد يقع تعثر في التنفيذ والتنزيل، فالوزير ليس ثابت من ثوابت الدولة المغربية، المهم لا خلاف حول فلسفة أن الدين يجب أن يبقى خارج الصراع السياسي، ومصدر وحدة وليس عامل تمزيق وتفرقة، ولا يوظف من طرف ضد طرف، ولدى لن تجد حملة تكفير أو اتهام بالزندقة او ما شابه ذلك من من قاموس الشرق، فهو أمر مرفوض بل غير موجود في المغرب، وقد استطاع المغرب معالجة هذا التطرف بالمزج بين الردع والتوعية وحقق الأمر نجاحا كبيرا.

استطاع المغرب أيضا ان يبني العلاقة بين المدني وحامل السلاح، من خلال القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وأن النظام يعتمد على الخريطة الديمغرافية للمغرب والمهنية والكفاءة والولاء لشعار واحد الله الوطن الملك، واتحدى أي جهة في الشرق أن يكون لها شعار بهذه الرمزية، و بهذا العمق، وكل المحاولات هي تقليد للنسخة الأصلية والأصيلة الموجود هنا في هذه البلاد الراسخة، والغبية كرمان تعتقد أن المغرب قبائل مسلحة يفوق سلاحها سلاح الدولة المركزية، وهي لا تعلم، هذه الغبية، أيضا أن بندقية في قمة الأطلس، تعلم الدولة من يملكها، وكم عدد الرصاصات في حوزة صاحبها، فنحن ليست لدينا بيوت تملك مدفعا رشاشا، ونحن لسنا دولة في حوش كل زعيم دبابة T54، 

5- المغرب استطاع أن يبني مناخا عاما يسمح بقدر كبير من التعبير وما تجربة Z إلا جزء من وعيه يدخل هذا الوعي ضمن حرية التعبير، ورفع جيل Z نفسه نصوص من الدستور. 

6- تسود الآن ثقافة المكاشفة وعدم الصمت عن الاختلالات والأمراض، وهو وضع يحسب للمغرب، أي من كان في المعارضة أو الأغلبية، 

هذا ما لا يفهمه عقل المشرق الذي يفكر بمنطق حديي.

هناك من يختبئ وراء طلب ودعم مزيد من الحرية داخل المغرب، جميل فقط يجب تذكيرهم أنهم لا يملكون مداد كتابة بيان فقط يعبر ويعكس حريتهم، فمداد من هذا النوع سيدفعون من أجله وديانا من الدماء.

7- المغرب لا يؤمن بمنطق العشيرة وإنما بمنطق الدولة، ولا يؤمن بمنطق الطائفة وإنما بمنطق الأمة، ولا ينزلق نحو التعصب، ولكن ينحو نحو مزيد من الانفتاح المتوازن، المغرب لا يؤمن بامتياز الكنية، وإذا وجدت، فهي حالات خاصة، فالاتجاه العام يمتص هذا الأمر، والأحداث والتاريخ شاهد على ذلك.

 

الخلاصة، 

يوم تفكر الغبية توكل كرمان وأمثالها أن المغرب وطن ودولة ونظام يمكن أن تفهم هذه الغبية وأمثالها المغرب.