لا أقول الأمازيغ، لأننا مغاربة نشكل مجتمعا مُركّبا P.Pascon/ société composite، و من الاستحالة الفرز فيه بين المكونات العرقية، سواء عبر التحليل الجيني الذي يربطه المتخصصون بالعنصرية ( في كتابه ? Is science racist يؤكد جوناثان Marks Jonathan أن الشفرة الوراثية البشرية متطابقة بنسبة 99.9% بين البشر، و لا وجود لاختلافات وحدود واضحة بين المجموعات العرقية)، أو عبر التحليل الأنثربو-سوسيو-تاريخي الذي يؤكد اختلاط الأجناس و الأعراق و اللغات و الثقافات، عبر أكثر من اثني عشر قرنا من الاندماج، حيث تعربت قبائل أمازيغية (جبالة) و تمزغت قبائل عربية (حاحة).
هذه معطيات معرفية ثابتة، بالمنطق البيولوجي و كذلك بالمنطق الأنثربو-سوسيو-تاريخي، و لا أحد بإمكانه خلق جدل حولها، إلا من يتوهم القدرة على ركوب رأسه من الإيديولوجيين الذين يفكرون على الطريقة البروكستية !
سيقول قائل: أنت تخرج عن الإجماع الوطني و تعارض ما تم ترسيمه ! أجيب: لست بخارج عن الإجماع الوطني لأنني لا أنفي المناسبة، لكن من حقي كباحث أن أثير الأسئلة المعرفية التي تنسجم مع المرجعية العلمية، و هذا لا يدخل ضمن المنطق الإيديولوجي الذي يفكر عبر رد الفعل المضاد.
كمغربي أصيل يفتخر بهويته المُرَكَّبة، عربيا و إسلاميا و أمازيغيا، ما زالت ذاكرتي تحتفظ بالطقوس التي كنا نحيبها، بمناسبة السنة الفلاحية، عبر ذبح الدجاج البلدي و تهييء الرفيسة، و ما يرافقها من سفنج بزيت الزيتون البلدي و بغرير مسقي بالسمن و العسل البلديين، بالإضافة إلى أطباق الكرموص/التين المجفف/الشريحة و الزبيب و التمر .
ما زلت أتذكر احتفالاتنا الطفولية، و نحن نجمع الحطب و نشعل النار للتدفئة من برد يناير القارس في الساحات المجاورة لمنازلنا، و نحن نردد الأهازيج الخاصة بمناسبة السنة الفلاحية: اعطيني حاكوزتي و لا نريش شاكوكتي، فنحصل على ما نريد من فطائر مزينة بالتمر و الشريحة نلتهمها و نطلب المزيد عبر مواصلة ترديد شعارنا الينايري الخالد: اعطيني حاكوزتي و لا نريش شاكوكتي !!!
لا أظن أن رموز التطرف العرقجي الذين يروجون لأساطير السياسة البربرية بالمغرب قد عايشوا مثل هذه الطقوس، و خصوصا من ينتمي منهم لجيل السكن الاقتصادي !!! و رغم ذلك يركبون رؤوسهم و يزورون العملة المغربية الأصيلة بعملة عرقجية مزورة.
من حق جميع المغاربة أن يحتفلوا، على طريقتهم، بهذه المناسبة السعيدة، فهي رأسمال لا-مادي مشترك بيننا جميعا و ليس أصلا تجاريا يروجه الإيديولوجيون في سوق النخاسة العرقجية .