رأي

حسن شاكر: "الماركوتينغ " الجمعوي والكفاءات والسباق نحو مجالس الجاليات...

في خضم كل هذه الجلبة الواقعة بين صفوف الجاليات المغربية بالخارج منذ خطاب المسيرة الخضراء في يوم 6 نوفمبر 2024...تأكد بالملوس تبني أغلب الفعاليات الجمعوية بالخارج للخطاب "الشفوي " و العجز عن مجاراة المرحلة التي حدد سقفها الخطاب الملكي السامي..

إذ كنا نتظر بلاغات واقتراحات أقوى وأذكى...لكن الذي وقع هو فقط عملية "ماركوتينغ " تسويق وتجميل لبعض الوجوه القديمة/الجديدة و كأنها تقول للمسؤولين " شوفوني "...

لقد قرأنا بعض تلك الاقتراحات و التي لم ترقى الى المرحلة الجديدة إذ اكتفى اصحابها بجمع كل الأفكار المتداولة هنا وهناك وإعادة التذكير بالادوار الديبلوماسية والوطنية التي تقوم بها الجاليات المغربية بالمهجر....وإعادة طرح مشاريع أفكار جاءت في بيانات سابقة للعديد من الجمعيات المغربية بالخارج، وتضمنتها بيانات اجتماعات وبرامج لمؤسسات الهجرة بالرباط وتحتفظ بها مواقعها وبواباتها الالكترونية.... 

كان أملنا قراءة أوراقا تتضمن اقتراحات جديدة حول ملف المشاركة السياسية مثلا، واقتراحات جريئة حول العرض الديني والثقافي ورقمنة الإدارة وتبسيط المساطر... وليس التنافس حول اختيار عناوين براقة كالكتاب الابيض أو التنسيقيات أو بيانات الجمعيات الديمقراطية... وكأن الديمقراطية صكا خاصا بهم و أن باقي الجمعيات هي غير ديمقراطية.. 

أعتقد أنه لم يعد بالإمكان هضر المزيد من الزمن للعمل من أجل الارتقاء إلى الفلسفة العميقة لخطاب المسيرة سنة 2024.. إذ نحن أمام الحاجة إلى جيل جديد من الفاعلين وجيل جديد من الاقتراحات وبرامج تتضمن اجابات صريحة وقوية عن كل انتظارات الجاليات وحاجاتهم...كما تتضمن برامج تقيهم من شر التيارات الدينية الهدامة وتزيدهم مناعة للدفاع عن القضايا الوطنية والترابية المغربية بالخارج و تشجعهم للاستثمار ببلدهم المغرب... 

الجاليات المغربية بالمهجر تحتاج الى برامج خاصة لدعم ترافع مغاربة العالم في ملف الصحراء المغربية على المستوى الثقافي والسياسي والقانون الدولي.. كاشراكهم بقوة في كل الملتقيات الدولية.. وتمكينهم من منصات إعلامية عمومية قوية للدفاع عن حقوقهم داخل الوطن و خارجه... 

لكن ماقرناه لحد الآن لم يرقى إلى برامج بل فقط كلام "عام " وحتى لا نقول ثرثرة في الوقت الميت...لقد اضاعت الجاليات الكثير من الوقت في التشخيص ثم التشخيص فقط، وإعادة انتاج نفس الخطاب إما بالمظلومية أو البطولة الخارقة و أنا وحدي مضوي لبلاد...!

لكن ونحن نسجل ردود أفعال ما بعد خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2024 لابد من الاشارة الى "الجمهور الصامت " وهي الفئة العريضة التي تراقب فقط دون المساهمة في النقاش العمومي..حيث اكتفى البعض منها بمشاهدة بعض الفيديوهات أو قراءة ما كُتب في بعض صفحات الفايسبوك.. والبعض الآخر مشغول اكثر بمشاكل الحياة اليومية بالمهجر..! 

وحتى نكون واقعيين لابد من تقديم الشكر لكل الأفراد الذين قدموا تلك البيانات باختلاف مسمياتها...على مجهوداتهم المناسباتية واجتماعاتهم الافتراضية..لكن نفس الواقعية تلزمنا بوصف دقيق لتلك الأعمال والتي كانت مجرد تجميع وتصفيف لافكار سابقة طرحت منذ سنوات طويلة وليس تضخيم الأمر بوصفها "اقتراحات" وبدون القيام بعملية تحيينها أو تلقيحها بأفكار جديدة... 

الجاليات المغربية بالخارج "ولاّدة " وتزخر بطاقات ومواهب كبيرة وعديدة وفي كل المجالات من شأنها المساهمة بقوة في مسلسل التنمية بالمغرب فقط علينا الإجابة عن سؤال مركزي...شكون هوما الكفاءات...؟ هل هم أصحاب العلم و الديبلومات الاكاديمية فقط...؟ أم هم أصحاب المعرفة و الخبرة الميدانية...؟ وهل ليس من المنصف أن نصف بعض الفئات( بدون تحصيل دراسي) استثمرت في ابناءها بالمهجر بتوجههم للجامعات والتضحية المادية والمعنوية في سبيل ذلك.. ان نصفهم " بكفاءات استثنائية "..

بمعنى أوضح هل تعريف فئة " الكفاءات "محصورة فقط في الدكتور والمهندس والجامعي والمتخصص في الميكانيكا والنجارة... وهي الفئة التي يمكن وضعها أيضا في خانة الاطارات العليا والمتخصصة... أم هي الفئة المنتجة للفكر والدراسات والعلوم الإنسانية والقادرة على الخلق والإبداع...!؟

أعتقد أن إعادة تعريف "الكفاءات" هو مدخل مهم لرسم خارطة الاحتياجات وتنظيم الانتظارات... لأن غير ذلك سنتعَود على قراءة كتاب حياتي يا عيني.. مافيش زايو كتاب...