رأي

محمد الغلوسي: العدالة تقوم على قدسية حقوق الدفاع

لسنا من هواة الإحتجاج، ولا نسعى لخلق أية أزمة أو توثر، و أيادينا ممدودة للحوار والنقاش البناء والمسؤول...

مستعدون لبناء شراكة حقيقية لا صورية من أجل مصلحة العدالة، والمصالح العليا للوطن، هكذا هم المحامون، لكن للأسف وجدوا أنفسهم مجبرين على الإحتجاج، والتوقف كليا عن ممارسة مهام الدفاع، فعلوا ذلك لأنهم تعقلوا كثيرا وغلبوا العقل والحكمة واختاروا التدرج في الإحتجاج، عبر أساليب وصيغ نضالية مختلفة وبعثوا رسائل في مختلف الإتجاهات لكن دون جدوى!

شعروا بالخوف والقلق لأن كل المؤشرات تقول بأن رسالة المحاماة مستهدفة، كما حقوق الدفاع، وأن هناك من يتربص بالمهنة منذ مدة، و يتحين الفرص لتمرير قوانين تمس بحق الناس في الولوج إلى العدالة، وتهديد شروط المحاكمة العادلة.

مهنة المحاماة، ومعها حقوق الدفاع المقدسة كونيا، مهددة وكل القرائن تقول ذلك، ولا يحتاج المرء إلى جهد كبير لاكتشاف هذا الواقع. لذلك فإن المحامين يدركون دقة المرحلة وما يحاك ضد رسالة الدفاع، وهم يرددون نكون أو لا نكون.

واهم من يعتقد أن المحامين يحتجون سعيا لمصالح ذاتية ضيقة، إنهم يدقون ناقوس الخطر، لأن هناك فعلا خطر يتربص بنبل رسالة الدفاع وبمقومات ومرتكزات العدالة.

الذي يطلع على بعض بنود مشروع قانون المسطرة المدنية، سيكتشف أن من وضعوا هذا النص يهدفون إلى أن يجعلوا للعدالة تكلفة مادية يتحملها الناس، كجواب على أعطابها البنيوية، يتحدث وزير العدل عن كونه حريص على ضمان التوازن، لكنه لا يدرك أنه يميل الكفة كثيرا لصالح من لا يريد سيادة القانون على الجميع، دون أي تمييز، لجهات تسعى إلى تقنين الإمتياز وازدواجية المعايير بضرب مرتكزات العدالة القائمة على قدسية حقوق الدفاع !