تحليل

قراءة في كتاب «يجب الدفاع عن المدرسة العمومية»

مصطفى خُلَالْ (كاتب وناقد)

«يجب الدفاع عن المدرسة العمومية»، هو العنوان الذي اختاره الأستاذ علال بنلعربي لكتاب أصدره العام الجاري.

والمؤلف معروف على المستوى الوطني كمسؤول نقابي وسياسي، وهو ما يعطي كتابه أهمية تنضاف إلى أهمية الكتاب في حد ذاته.

ذلك أن الكاتب عالج قضية هي واحدة من كبريات القضايا الوطنية المغربية: قضية التعليم، علما أنها شغلت كل الحكومات منذ استقلال المغرب ورحيل الاستعمار إلى اليوم، على اختلاف توجهات هذه الحكومات واختلاف التحديات التي ميزت كل حقبة.

ومما يميز هذا الكتاب أنه درس المسألة التعليمية من زاويتين: زاوية الانشغال الوطني وزاوية النظر العلمي الموضوعي. فانبنت هذه الدراسة على النظر إلى الموضوع في إطار نسقي شامل يحذر التجزيء ويبتعد عن المعالجة التقنية، التي وإن كانت لها فضائلها، فإنها في هذا الموضوع بالذات تبعدنا عن الإلمام الحق بكل معطيات قضية التعليم كما نعانيها في المغرب منذ عقود طويلة.

التعليم باعتباره قضية وطنية، ما كان ينبغي أبدا أن تبقى الدولة بإزائه حبيسة دواعي وموانع الصراعات السياسية القديمة، والتي إن كانت لها بعض المبررات التي تعود إلى ماض أضحى منتفيا، فإنها اليوم لم تعد ذات معنى، خاصة في مواجهتها لقضية تهم المجتمع المغربي ككل، أيا كانت انتماءات مكوناته الاجتماعية. ذلك أن المؤلف يلاحظ في هذه المسألة بالذات أن الحاضر ما زال محاصرا بحيثيات الماضي، وهو ما يجعل «المدرسة العمومية» تبقى هي الأخرى حبيسة لمبدأ متجاوز، مبدأ الحفاظ على الواقع كما هو. غير أن المستفز أكثر هو أن بعضا ممن يدبرون الشأن العام والمطالبين بإصلاح التعليم والعناية بالمدرسة العمومية، كقضية وطنية، ينشغلون بالتجارة في ميدان التربية والتعليم.

هكذا يتقوى جمود نظامنا التعليمي بتقسيمه إلى تعليم عمومي يتخبط في كل أنواع الإعاقات، وتعليم خاص يحرص أصحابه من كل الفاعلين فيه على الانفصال عن النظام التربوي العام. فما دام الجميع يدعو إلى الإصلاح، إصلاح التعليم، وفي كل فرصة لا يتم هذا الإصلاح، فإن الذي يُضَحى به هنا، بدون وعي منا، هو المجتمع ككل. لقد عرف المغرب خلال العقدين الماضيين مثلا، قفزات كبرى في مجالات عديدة، وبمقاييس دولية، ستكون لها منافع جمة في المجالين الاقتصادي والتجاري، غير أن ما لا يتم الوعي به هو أن الإنجازات الكبرى لا يمكن أن تحقق الغاية العظمى،