تحليل

عدم تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب: تحدي مستمر

ياسمينة بادو ( وزيرة سابقة)

تظل مشكلة عدم تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب مشكلة مقلقة رغم التقدم الحاصل على مستوى الترسانة القانونية وجهود الحكومة.  

في عام 2024، وعلى الرغم من أن القانون الذي يلزم تعليم هؤلاء الأطفال حتى سن 17 عامًا قد دخل حيز التنفيذ منذ سنوات عديدة، إلا أن النتائج المتوقعة تتأخر في الظهور، مما يترك العديد من الأطفال بدون فرصة للتعليم

وفقًا لمسح وطني أُجري في عام 2004، كان هناك حوالي 231،000 طفل في سن 4 إلى 15 عامًا بحاجات خاصة، وكانت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس منهم تبلغ فقط 32.4%. وبمعنى آخر، كان حوالي 6 أطفال من كل 10 لم يحظوا بفرصة للالتحاق بالمدرسة. تُظهر هذه الإحصاءات مدى التحديات التي تواجه ضمان تعليم شامل لجميع الأطفال.

في عام 2023، تم تعليم حوالي 26،000 طفل ذوي احتياجات خاصة، وهو تقدم مقارنة بـ 16،000 في عام 2021. يُعزى هذا التقدم إلى جهود الحكومة وبرامج التأهيل التعليمي.

ومع ذلك، تظل الفوارق الإقليمية والاجتماعية قائمة. فمعدل الالتحاق بالمدارس لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يختلف بشكل كبير بين المجالات الحضرية والمجالات القروية. في المجالات الحضرية، يصل هذا المعدل إلى 40%، بينما يصل إلى 30% فقط في المجالات القروية. تُسلط هذه الفوارق الضوء على التحديات التي يواجهها النظام التعليمي المغربي في إدماج هؤلاء الأطفال بطريقة عادلة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير دراسة أجريت في عام 2022 إلى أن أكثر من 66.5% من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب لا يملكون أي مستوى تعليمي، مقارنة بـ 35.3% من غيرهم. وتُشمل هذه الحالة بشكل خاص النساء (79.5%) بالمقارنة مع الرجال (53.4%). تكشف هذه الأرقام عن مدى استبعاد التعليم والحاجة الماسة إلى تعزيز الإجراءات لضمان الوصول إلى التعليم للجميع.

جانب آخر مهم في هذه المشكلة هو التكلفة المرتبطة بالتعليم التخصصي. فالمدارس والمعاهد لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة غالبًا ما تفرض رسومًا، مما يجعل الوصول إليها صعبًا للعديد من الأسر. وتكون تكاليف الدراسة والمعدات المتخصصة وخدمات الدعم غالبًا ما تكون باهظة. وهذا يخلق عائقًا ماليًا يستبعد المزيد من الأطفال عن التعليم، مما يزيد من الفوارق القائمة بالفعل.

إنه من الضروري التذكير بأن لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الحق في التعليم الشامل. ويشمل ذلك ليس فقط إدماجهم في فصول عادية، بل أيضًا تكييف بنية المدارس. على سبيل المثال، لا يمكن للأطفال الذين يستخدمون الكراسي المتحركة الوصول إلا إلى الطابق الأرضي من المدارس الحالية، مما يقيد تجربتهم التعليمية والاجتماعية بشكل كبير.

لتحويل حقيقي لواقع هؤلاء الأطفال، لا يكفي تشريع قوانين خاصة بوضعهم. إنه من الضروري أن يتم تضمينهم بشكل كامل في النظام التعليمي العام. وهذا يتطلب مراجعة السياسات والممارسات التعليمية لإنشاء بيئات تعليمية متاحة ومناسبة لجميع الأطفال، دون استثناء.

في الختام، يظل تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب تحديًا كبيرًا. تُشجع التقدمات المحققة ولكنها لا تكفي.

 لضمان الإدماج الحقيقي، من الضروري تعزيز المبادرات الحالية، وسد الفجوات الإقليمية، وتعظيم الاستفادة من الموارد. إن العمل الجماعي والمنسق هو الذي سيساعد على تحويل واقع تعليم هؤلاء الأطفال، مما يمنحهم فرصة متساوية لتطوير قدراتهم والمساهمة في المجتمع.