لم يكف مهنيو قطاع المواشي بإلغاء الحكومة لرسم الاستيراد على الأبقار والأغنام، ولا للضريبة على القيمة المضافة، بل انفتحت شهيتهم على المزيد من الإعفاءات، وأصبحوا يطالبون بإلغاء شهادتي الذبح والمنشأ... وبالتالي لم يعد هدفهم تزويد البلاد بالقطيع المعد للذبح لخفض أسعار اللحوم، التي لم تنخفض أصلا، فحتى "الجاموس" البرازيلي يصل سعر لحمه إلى 68 درهما في المجازر، رغم عدم الإقبال عليه لا من الطرف الجزارة ولا من طرف المواطنين، بل أصبح هدف ( المهنيين) بيع القطيع المستورد إلى الكسابة، عوض توجيه إلى المجازر مباشرة، مع ما يحمله ذلك من تأثير على نقاوة عرق السلالات المغربية، التي أضحت بعض الأصناف منها على وشك الانقراض.
هذه هي نتائج فتح الحكومة لباب الاستيراد الأبقار والأغنام، وما رافقه من إعفاءات ضريبية، من دون أن تتحقق الغاية والمرامي، التي فُتح هذا الباب من أجلها أصلا.
النتيجة الأولى: أن أسعار اللحوم لا تزال مستقرة في مستواها قبل الاستيراد، بسبب حرص المستهلك على شراء اللحوم ذات المنشأ المحلي، والتي أصبحت " Un Produit De Lux" أمام الجاموس البرازيلي، وأصبح أول سؤال يبادر به المواطن الجزار هو:" واش الذبيحة تاع لبلاد؟".
والنتيجة الثانية: هي أن مهنيي قطاع المواشي أصبحوا يطالبون بالمزيد من الإعفاءات، ما دامت لحوم هذه "الأنعام" لا تلقى إقبالا، فلا بأس من منحها صفة المحلية من خلال مرورها عبر الكساب.
وهكذا فتحت الحكومة بابا سيصعب عليها إغلاقه، ما دامت فئة من هؤلاء المهنيين تنتظم داخل صفوف الأحزاب المشكلة لها، و تحتل مواقع المسؤولية محليا و إقليميا وجهويا، وبل تحجز حتى مقاعد داخل البرلمان... من دون ذكر الأسماء...
المهنيون يقدمون ما يبررون به هذا الطلب، و يتفننون في اختلاق الأسباب، علما أن القطيع الوطني سيشرع في تزويد السوق بما يكفي من رؤوس الأغنام مع اقتراب حلول فصل الصيف، لأن الخرفان، خاصة الإناث، من مواليد هذا العام ستصبح جاهزة للذبح.
لا أحد ينفي الظرفية الاقتصادية الصعبة، التي تتسم بالغلاء والتضخم والجفاف، لكن هذه الظرفية لا ينبغي أن تصبح معبرا آمنا لاغتناء بعض مهنيي مخطط "المغرب الأخضر".