مجتمع وحوداث

الجهة 13 ومغاربة العالم.. بين الإهمال الرمزي والتمثيل الوهمي

جمال الدين ريان
في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، يظل ملف مغاربة العالم، أو الجالية المغربية بالخارج، من أكثر المواضيع حساسية وإثارة للجدل. فبين الخطابات الرسمية التي تتغنى بأهمية مغاربةالعالم ودورهم في تنمية البلاد، وبين الواقع الذي يشهد تهميشًا واضحًا، يتضح أن مسألة "الجهة 13" ليست إلا عنوانًا جديدًا لسياسة قديمة قائمة على التجاهل والتحقير. 

على الورق، يُعتبر مغاربة العالم رأسمالًا بشريًا وقوة اقتصادية، حيث تشكل تحويلاتهم المالية أحد أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد وتدعم الاقتصاد الوطني بمليارات الدولارات سنويًا. لكن الواقع مختلف، إذ يُنظر إليهم كثيرًا كأبقار حلوب يُستدعى حنينهم للوطن وقت الأزمات أو الحاجة إلى العملة الصعبة، ثم يُركنون إلى الهامش بعد ذلك. 

استحداث ما يسمى بـ"الجهة 13" لمغاربة العالم جاء كمحاولة لطمأنة الجالية وإيهامها بأن لها مكانًا مؤسساتيًا في وطنها الأم. لكن ما جدوى هذه الجهة إذا كانت تفتقر إلى سلطة تقريرية حقيقية؟ كيف يمكنها الدفاع عن مصالح ملايين المغاربة بالخارج إذا كانت صلاحياتها شكلية؟ أليس هذا مجرد توزيع للأدوار والضحك على الذقون؟ 

ما يُوصف أحيانًا باعتراف رمزي بمغاربة الخارج، هو في الواقع تحقير مقنع. إذ يتم عزلهم عن دوائر القرار السياسي والمؤسسات المنتخبة، فلا صوت لهم في البرلمان، ولا تمثيل حقيقي في المجالس المنتخبة، ولا حتى آليات فعالة للاستماع لهمومهم. كل ما يتلقونه هو وعود براقة، ولجان شكلية، و"جهة وهمية" لا تقدم ولا تؤخر. 

مغاربة العالم لم يتوقفوا يومًا عن دعم وطنهم من خلال تحويلاتهم، استثماراتهم، نقل المعرفة والمهارات، وحتى الدفاع عن صورة المغرب في المحافل الدولية. ومع ذلك، يواجهون عراقيل إدارية وصعوبات في الاستثمار، ويُعاملون غالبًا كغرباء في بلدهم الأصلي. أليس هذا تناقضًا صارخًا بين الخطاب والممارسة؟ 

الوقت حان للاعتراف الحقيقي بمغاربة العالم، ليس عبر شعارات فارغة أو مؤسسات شكلية، بل من خلال تمكينهم من المشاركة الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية، وضمان حقوقهم كمواطنين كاملي المواطنة، سواء داخل أو خارج الحدود. كل ما عدا ذلك هو استمرار في سياسة الإقصاء، وتحميل مغاربةالعالم وطنيًا ما لا طاقة لهم به، تحت غطاء "الجهة 13" أو غيرها من المبادرات غير المجدية. 

كفى من الضحك على الذقون! مغاربةالعالم يستحقون الاحترام لا التحقير ولا الاستغلال.