شاءت الأقدار أن يسلم المعطي بوعبيد الروح لبارئها ليلة مباراة «الديربي» البيضاوي، المواجهة التي كان يتحاشى متابعتها ميدانيا ويحرص على سماع نتيجتها بعد أن يعلن الحكم عن نهايتها.
في ليلة الفاتح من نونبر 1996 لفظ المعطي آخر أنفاسه، وفي اليوم الموالي كان الجميع على موعد مع «الديربي»، إذ توجه مئات من مشيعي جثمانه من المقبرة إلى مركب محمد الخامس، حيث لأول في تاريخ «الديربي» اجتمع جمهور الفريقين وقرأ الجميع الفاتحة على روح الفقيد الذي شكره الحسن الثاني من بين جميع الوزراء على كل ما قدمه للوطن. ظلت «لبابة»، زوجة المعطي، توصي ابنها سعد بعدم الشرب من نفس كأس الكرة الذي شرب منها والده، وتحذر من مغبة الانصهار كليا.
ولد المعطي بوعبيد في درب مارتيني في عمق درب السلطان، وانضم في شبابه إلى نادي اليسام إلى جانب لاعبين مغاربة مثل العربي بن مبارك. عرف عنه رفاقه عشقه للكرة ومهاراته في خط وسط الميدان، قبل أن تجره الدراسة من الكرة، لكن المسير أبا بكر اجضاهيم أصر على أن المعطي حمل قميص الوداد قبل أن يعشق الرجاء.
عاش فترة هامة من شبابه في مدينة بوردو الفرنسية، حيث درس القانون وعاد إلى المغرب حاملا شهادة الدراسات العليا في القانون الخاص، ما مكنه من ولوج عالم القضاء وكيلا للملك بمدينة طنجة، لكنه تألق بشكل ملفت في مجال المحاماة الذي شغل فيه منصب نقيب لهيئة المحامين بالدار البيضاء، قبل أن يتأبط مجموعة من الحقائب الوزارية ويصل إلى قمة المناصب الحكومية حين جمع بين وزارتي العدل والوزارة الأولى، فضلا عن مناصبه السياسية كقيادي في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم كأمين عام للاتحاد الدستوري، ناهيك عن مسؤوليات أخرى، خاصة رئاسته لفريق الرجاء البيضاوي.
ظل المعطي يحظى، لولايات برلمانية عديدة، بثقة سكان دائرة درب الجديد بالمدينة القديمة للبيضاء، مصرا على تمثيل الرجاء في معقل الوداديين، لكن والده اختار أن يحمله المسؤولية الزوجية مبكرا، حين زوجه وهو في سن الرابعة والعشرين بفتاة مقربة من القصر الملكي تدعى «لبابة»، درست في المدرسة المولوية مع الأميرات بعدما اختارها الملك الراحل محمد الخامس، وقد تعرف عليها المعطي أثناء إقامتها في مدينة البيضاء، إلا أن علاقتها بالقصر لم تحل دون ارتباطها بالمناضل الاتحادي المعطي بوعبيد، بل إنها كانت تشكل على حد قول ابنها سعد «صلة وصل بين المعطي وبين المرحوم الحسن الثاني». وقيل إنها هي التي دفعته لقبول مقترح الملك الراحل الحسن الثاني برئاسة حزب الاتحاد الدستوري سنة 1983...
لنتذكر فقط ...حكاية وزير.






