سياسة واقتصاد

حين تتحول الأحزاب إلى جمهور يتفرج على استراتيجية ضرب المؤسسات ورموزها

عمر الشرقاوي ( أستاذ جامعي)

لا يحتاج المواطن لكثير من العصف الذهني ليدرك ان بلدنا تتعرض لحملة مبرمجة وادوار موزعة، تتجاوز الانتقاد المغرض والشعبوية المقيتة التي تعودنا على سماعها لتأخذ أبعاداً أخطر وأعمق، للمس بوحدتنا الترابية ورموزنا الوطنية واستقرار مؤسستنا الدستورية. مداخل هذه الحملة متنوعة تتراوح بين الاتجار بالقضية الفلسطينية والمدونة والاسعار وزلزال الحوز وصانعوها بالخارج كثر داخل مطابخ استخباراتية معادية ومؤسسات اعلامية ومنظمات حقوقية وأدواتها بالداخل موزعون قسرا وافتراء على عالم الاعلام وحقوق الانسان والعمل السياسي، ويبقى أن توقيت الحملة مريب وتناغم الأصوات الداخلية رغم تناقضاتها العقدية والفكرية لا يمكن أن يكون صدفة، بل بالعكس تؤكد ملامح الهجوم ومن يقف خلفه.

واذا كان أمرًا منتظرا ان يتعرض وطننا للحملات المغرضة والطعن من الخلف بالنظر للدور الاستراتيجي الذي اصبح يلعبه على المستوى الاقليمي والدولي لا شك أنه أجج الحقد والغيرة، وإذا كان من الطبيعي أن ينزعج خصوم المغرب الذين ينتظرون واهمين سقوطه، فإن ما يدفع للاستغراب هو حملة الصمت التي تواجه بها القوى السياسية استهداف المؤسسات وكأن الامر لا يعنيها من قريب او بعيد، بل في كثير من الاحيان يزكي الحزب الحاكم ما يقوله الخصوم والمغرضون للظهور بمظهر المدافع عن الحقوق والحريات.

قد يتحمل الوطن مخططات الجزائر وإيران وجنوب افريقيا والبوليساريو والبرلمان الاوروبي ومحكمة العدل الأوروبية للمس بمصالح الوطن.

 في حرب المصالح يمكن توقع أي شيء، لكن سيكون الامر قاسيا لان تلك الاجندة المعادية تجد بيئة حاضنة يتم تنزيلها بأيادي مغربية تلبس عباءة اعلامية وجلباب حقوق الانسان، والاقسى من ذلك ان تتحول المكونات الحزبية الى جمهور يتفرج على استراتيجية ضرب المؤسسات ورموزها السيادية والقضائية والأمنية دون ان تقوم برد الفعل المطلوب لمواجهة حملة التضليل والتدليس. 

فباستثناء بلاغات الصمت التي تصدرها الاحزاب لتعبر عن غيابها عن المعارك التي تخاض ضد رموز بلدنا، فإنها لا تفعل اي شيء لتحويل الدفاع عن المؤسسات الى تحركات سياسية وديبلوماسية وتعبوية. فلا يمكن ان تتلقى الاحزاب ملايير السنتيمات من الدعم السنوي وتوضع تحت تصرفها امكانات هائلة ثم تتبخر في الهواء خلال اللحظات التي تتطلب انخراطها لمواجهة حملات التضليل ضد بلدنا، فالوضع لم يعد يتحمل لغة الصمت والمطلوب من الجميع مؤسسات ومجتمع ودولة الوقوف صفا واحدا لرد كل مظاهر التطاول والاستهداف داخليا وخارجيا.