سياسة واقتصاد

أوجار يصرخ في وجه الحكومة: اللهم إن هذا منكر

الجيلالي بنحليمة (صحفي/ تدوينة)

التوصيف الحقيقي، لتصريحات الأستاذ محمد أوجار داخل بلاطوهات التلفزة المغربية هو أنه قلب الطاولة بما احتوت في وجه الحكومة. 

السفير السابق والوزير السابق معروف بهدوء طبعه وميله نحو اللين والأخذ بالأسباب والتماس الأعذار، لكنه نزع كل هذا ليقول أن ما يرتكب في حق المغاربة من غلاء فاحش للأسعار لا يقارب الجرم فقط ، بل هو جريمة مكتملة الأركان ترتكب من قِبل أناس هم تجار أزمات خانوا وطنهم وخانوا مسؤوليتهم.

لكن الأخطر في تصريح الأستاذ محمد أوجار أنه اتهم ضمنيا مكونات الحكومة على اختلاف المواقع بما يشبه التواطؤ، حتى أنه استدعى حديثا نبويا يحث على استعمال القوة والجبروت اتجاه هؤلاء، "إن الله يزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن".

أمران مستفادان من كلام الأستاذ محمد أوجار، الذي هو بالمناسبة احد قياديي الصف الأول داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة. 

الأمر الأول هو أن سلطة المضاربين تبدو اليوم متعاظمة وفوق ما لا يمكن تصوره وأن المواطن سيصلى العذاب تلو العذاب وسيتنزع جلده إن لم يجد من يحميه من هؤلاء الجبابرة، الأمر الثاني هو أن الحكومة ما لم تتحرك في اتجاه محاصرة هؤلاء فلا يمكن تصنيفها سوى في خانتين لا ثالث لهما إما أنها عاجزة لا تملك من أمرها شيئا وإما أنها متواطئة وهذا هو الخطر الذي لا يمكن تصور مآلاته .

كلام الأستاذ أوجار ليس بالكلام السهل، واوجار ليس من عينة السياسيين الباحثين عن "الشاو والبوز" وهو يعلم أن كلامه مسموع ويحسب حسابه حتى عند أعلى السلطات في البلاد، ولهذا فقد دق ناقوس الخطر بشدة وبكل قوة، لينتصر لبني جلدته من هامانات وقرونات هذا الزمن، الذي أصبح فيه حصول دراويش الوطن على كليو لحم من أحلام اليقضة إن لم يكن اضغاث أحلام فعلا…..

ماذا تبقى للحكومة، التي تقول علانية للمغاربة، اشربوا البحر (بعد أن يحليه رئيس الحكومة لكم) أو الطموا أنفسكم فنحن فاعلون لما نريد ، ماذا تبقى لها لتنتبه ، فهذا قيادي من قياديي أغلبيتها بل إنه قيادي داخل الحزب الذي يقود التحالف برمته، وهذا صوت رزين عاقل ويتحمل مسؤولياته كاملة بشجاعة وجرأة لكنه ضاق ذرعا بما يقع من فواحش غلاء الأسعار وصاح اللهم إن هذا لمنكر، ولم تبقى للرجل الهادئ الرصين سوى أن يدعو لمظاهرة من قلب التلفزة العمومية.

شخصيا لم أشاهد سي محمد أوجار بهذه الحدة وأنا الذي أعرفه لسنوات وحاورته غير ما مرة واستفدت من نصائحه الذي لايبخل بها……

صدقا استشعرت الخطر، إن سي محمد أوجار ، الذي لا يكاد صوته يُسمع، وعليك أن تبذل جهدا مضاعفا لالتقاط كلماته، ها هو اليوم يصيح بكامل قوته، بأن المغاربة صبروا بما يكفي فلا يلومنهم أحد إن اختاروا أن يعبروا عن قلة حيلتهم بطرق لا يرتضيها القابعون في كراسي السلطة فالعجب كل العجب "أن لا يجد الرجل في بيته ما يؤكل وأن لا يخرج شاهرا سيفه على الناس".