دخل عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية في حالة من الهستيريا المرضية اتجاه المغرب بسبب التوترات الاجتماعية والغضب الشعبي الذي يلاحق النظام العسكري منذ عقود.
وبدل أن تنصت الطغمة العسكرية الحاكمة للمطالب الاجتماعية وتبدل الجهد الكافي والمال المطلوب للتجاوب مع هاشتاغ "مانيش راضي"، فضل تبون ومن معه نهْج سياسة نكران الواقع والدخول في حالة من الاغتراب الحقيقي عن قضايا المجتمع الجزائري والقطيعة مع المطالب المجتمعية، مستعينا باصطناع مشاجرة ديبلوماسية جديدة، في محاولته الغبية للبرهنة على أن ما يحدث من توترات شعبية مرده إلى وجود يد عدو خارجي اسمه المغرب يحرك "طنجرة" استقرار الجزائر متى شاء وكيفما شاء وبمن شاء.
والحال أن كل ما يعيشه النظام الجزائري، من فشل ذريع على المستوى الديبلوماسي ومن بلايا لا تحصى على المستوي الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي، مرده إلى "ما جنت براقش على نفسها" وليس بفعل خصوم خارجيين.
وللأسف فعوض أن يكشف عبد المجيد تبون أمس الحقيقة كاملة أمام البرلمان ويقوم بتقييم موضوعي لاختياراته وقراراته الفاشلة، فإنه استمر في سياسة نكران الواقع والاستعاضة عن ذلك بالحديث عن سردية الجماجم في باريس وتقرير المصير لدى جمهورية الوهم، وبالتالي محاولة تفسير ما جرى من اهتزازات شعبية بمنطق المؤامرة والضحية، وهذا المنطق الأعوج سيؤدي لا محالة الى فقدان النظام العسكري ما تبقى له من البوصلة وغياب الرؤية التي ستزيد من حجم المشكلات الداخلية وتغذي دائرة الاحتجاجات، ولربما تدخل الجزائر في نفق مظلم ستقود حتما إلى ما قادت إليه أنظمة عسكرية كانت أقل حماقة وأشد قوة وجرأة ونفوذا.
والغريب في الأمر أنه في ذروة هاشتاغ "راني ما راضيش" الذي اجتاح الجزائر خصص تبون الحيز الكبير من خطابه أمام البرلمان للتهديد واللمز والهمز اتجاه المغرب، ورموزه السيادية ووحدته الترابية بينما تفادى تقديم الأجوبة الحقيقية للمشاكل التي تعيشها بلده.
نقولها ونكررها، على تبون والطغمة الحاكمة في الجزائر أن يستوعبوا جيدا أن نهج سياسة النعامة ودفن الرأس في الرمل وترك العورة مكشوفة ليس حلا؛
عليهم أيضا أن يفهموا، أن عقلية المؤامرة وشيطنة المغرب لم تعد مجدية لتغذية شرعية مهترئة؛
عليهم أيضا أن يدركوا أن أوهام خلق دويلة وهمية على حساب السيادة المغربية لن تتحقق مهما كان الثمن؛
وعلى النظام العسكري أن يعلم علم اليقين، أن المملكة المغربية دولة عاقلة محبة للسلام لكنها ليست دولة جبانة حينما يتعلق الأمر بالمس بوحدتها الترابية؛
على هذا النظام الذي هزه مجرد هاشتاغ أن يعلم، أن الجواب على مشاكل الجزائريين لا يوجد في الرباط ولا في جماجم فرنسا ولا في قرارات مجلس الأمن بل في سياسات التفقير الممنهجة لنظام يجلس على الآلاف من آبار البترول وفي عمليات الرشوة الدولية على أوهام الانفصال وفي صفقات تسلح تحول ميزانيتها لحسابات العسكر بالخارج.
وفي الأخير على هذا النظام الذي ابتلانا الله بمجاورته، أن يعي جيدا أن المغرب ماض في مسيرة ازدهاره ونماءه بكل مشاقها ولن يأبه للابتزاز والتهديد والاستهداف والحركات البهلوانية وكما يقول المثل لدى إخواننا في ساحل العاج "نقيق الضفادع لا يمنع الفيل من الشرب".