سياسة واقتصاد

أهم تطورات ملف وحدتنا الترابية خلال سنة 2024

محمود التكني
ونحن نودع سنة ميلادية بأحزانها وافراحها الا انها تبقى سنة حروب و مآس بامتياز خصوصا على المستوى الدولي. و اما على المستوى الوطني فإنها سنة تغيرات كبرى إن على المستوى التنموي الاقتصادي و الدبلوماسي . و في ما يخص الشق الاول نلاحظ ان المغرب اصبح عبارة عن ورش كبير على امتداد رقعته الجغرافية فأكاد اجزم انه لا توجد اي جماعة قروية او حضرية ليس فيها اشغال و خصوصا على مستوى المحاور الطرقية التي اصبحت تعرف ارتفاعا كبيرا في إعادة هيكلتها بطرق عصرية و ذلك بإضافة قناطر جديدة و تهيئ أخرى، و كذا تغيير منحنيات الطرق للنقص من الانحرافات التي اصبحت تشكل خطورة على سلامة المواطنين و كذا شق طرق جديدة لفك العزلة عن العالم القروي . هذا على سبيل المثال لا الحصر .و إذا عدنا الى الانتصارات الدبلوماسية التي حققها وطننا هذه السنة بخصوص ملف وحدتنا الترابية فهو واضح لا تخطئه العين المجردة ، فخلال هذه السنة لا يمكن الا ان نثمن الاعتراف الرسمي الفرنسي بتاريخ 31 يوليوز الماضي و هذا تاريخ له اكثر من دلالة في نفوس المغاربة لأنه صادف يوم احتفال الشعب المغربي بالذكرى الخامسة و العشرين لاعتلاء صاحب الجلالة على عرش اسلافه الميامين ملكنا حامي الملة و الدين حفظه الله بما حفظ به الذكر الحكيم وشفاه من كل سقم، ملك يمارس مهامه بكسر في كتفه في حين نجد قيمين على الشأن الوطني يتغيبون عن عملهم لمجرد نزلة برد ......               

 و قد اعلنت باريس رسمياً تأييدها لخطة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، والذي عبرت عنه برسالة رئيسها إيمانويل ماكرون إلى ملك البلاد حيث أكد السيد ماكرون ، أن “مستقبل و حاضر الصحراء المغربية المتنازع عليها يقعان ضمن إطار السيادة المغربية”، معتبراً أن المبادرة المغربية هي الحل الوحيد والنهائي للنزاع الأطول في إفريقيا. 

 وخلال زيارة السيد ماكرون للمغرب تم الاعلان عن شراكة هامة بين البلدين لتوطيد علاقاتهما و ذلك من أجل “رفع التحديات الإقليمية و الدولية التي تواجههما ”، حيث اشرف عاهل البلاد والرئيس الفرنسي بالقصر الملكي بالرباط على توقيع اتفاقية “الشراكة الاستثنائية الوطيدة” .ومن أبرز النقط التي تضمنتها هذه الاتفاقية، قضية الصحراء المغربية حيث جاء حسب إعلان صادر عن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس و السيد إيمانويل أكدا أن مجال تطبيق “الشراكة الاستثنائية الوطيدة” بين بلديهما يشمل أوسع نطاق ترابي ممكن. 

وعلى مستوى المنتظم الدولي، صوت مجلس الامن الدولي بتاريخ 31 أكتوبر 2024 على قرار جديد يمدد ولاية بعثة المينورسو في الصحراء لسنة واحدة، هذا القرار الذي صوت لصالحه اثنتا عشرة دولة في حين امتنعت كل من زامبيا وروسيا الاتحادية عن التصويت و سجل انسحاب الجزائر من الجلسة بعد رفض التعديلات التي تقدمت بها على مشروع القرار. 

وقد حافظ القرار 2756 لسنة 2024 - الذي لقي ترحيبا من قبل المغرب - على التوصيات التي تضمنتها قرارات السنوات الاخيرة، وعلى رأسها دعوة الأطراف المعنية و من بينها الجزائر إلى التعاون مع المبعوث الشخصي للأمين العام وقد حث القرار على استئناف جولات الطاولة المستديرة التي سبق عقدها في جنيف، وقد أضاف القرار عنصرين أساسيين، هما الدينامية و الدبلوماسية اللتان قادهما جلالة الملك في هذا الملف، وتأكيد (مجلس الأمن) على أن "من يختار السلاح ويختار المس بوقف إطلاق النار، لا مكان له حول طاولة حل هذا الملف، بحيث ليس هناك حوار ولا مفاوضات ولا مسلسل سياسي، لأن المسلسل السياسي يكون مع الأطراف الجدية، ذات المصداقية، والتي تحترم القوانين الدولية والاتفاقيات، خاصة وقف إطلاق النار". وقد أضفى صاحب الجلالة الملك محمد السادس على هذا الملف زخما خاصا بمتابعته اليومية له". 

وقد عرف الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي خلال هذه السنة، انضمام أربعة بلدان أوروبية هي سلوفينيا، فنلندا، الدنمارك وإستونيا، للدول الداعمة لهذه المبادرة كأساس لحل النزاع في الصحراء ، ليصل عدد دول الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 20 دولة داعمة لمبادرة الحكم الذاتي، وقد بلغ هذا العدد 113 دولة على المستوى الدولي. 

 وفي المقابل نجد اأن وهم الجمهورية المزعومة استمر في التآكل بتعليق اعتراف كل من الإكوادور في أكتوبر وبنما في نونبر من هذه السنة بهذا الكيان الوهمي، مما يقطع الشك باليقين على تلاشى الطرح الانفصالي، وقد تراجع عدد البلدان التي ما تزال تعترف بهذا الكيان المزعوم إلى حدود 28 دولة فقط". 

 و يستمر فتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث فتحت تشاد سنة 2024، قنصلية لها بمدينة الداخلة ليصل عدد القنصليات التي تم فتحها لحد الآن إلى أكثر من 30 قنصلية، ويمثل هدا العدد 40 بالمائة تقريبا من دول الاتحاد الافريقي التي لها تمثيليات دبلوماسية في العيون أو في الداخلة. 

وقد تواصلت خلال هذه السنة الرؤية التي رسمها جلالة الملك والمتمثلة في أن يكون الاتحاد الإفريقي مجالا للتعاون، وليس طرفا يتم استغلاله في الدفع بأطروحات معينة، كما كان الأمر في السابق. 

واتضح أن الاتحاد الإفريقي اليوم، ومنذ ثلاث أو أربع سنوات، وهذه السنة بالخصوص، لم يصدر أي تصريح ولا تقرير، ولا موقف يهم قضية الصحراء المغربية الموجودة بين أيدي الأمم المتحدة، هذا ما يتعلق بملف وحدتنا الترابية خلال سنة 2024 و ها نحن نستقبل سنة ميلادية جديدة حاملة معها بوادر تفاؤل كبير بخصوص وضع بلدنا في المنتظم الدولي و ذلك بعد نجاح الرئيس الأمريكي القديم الجديد السيد دونالد ترامب الذي كان له الفضل في وضع الصحراء المغربية تحت السيادة المغربية بشكل صريح لا يقبل التأويل عبر اعترافه الرئاسي بسيادة المغرب على صحرائه في العشرين من دجنبر 2020 الا ان الوضع الآن اصبح واضحا أكثر من ذي قبل حيت سيتجه اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية نحو المغرب لاعتباره البوابة الرئيسية نحو العمق الافريقي حيت اصبح رقما صعبا في الحفاظ على استقرار شمال افريقيا و الساحل و الصحراء، كل هذا راجع إلى حكمة و تبصر صاحب الجلالة و بعد نظره لخدمة و طنه و شعبه أدام الله علينا نعمة السلم و الأمن وجعل هذا البلد آمنا مستقرا.