مجتمع وحوداث

توثيق الخطبة واشتراط عدم التعدد وإرث البنات ضمن الخطوط العريضة لتعديل مدونة الأسرة

الحسن زاين

اعتمدت الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج.

وجاء ذلك ضمن خطوط عريضة لما تحقق في هذا الموضوع، قدمها وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال لقاء تواصلي نظم صباح الثلاثاء بالرباط، أكد خلاله أنها تروم إدخال إصلاحات قانونية لحماية حقوق المرأة والطفل وحفظ كرامة الرجل، من خلال تجاوز بعض النقائص والاختلالات التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، ومع التطورات التشريعية بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة.

وتضمنت هذه الخطوط أيضا إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك؛ مع وضع استثناء، مع تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفتى والفتاة في 18 سنة شمسية كاملة للقاعدة المذكورة، يُحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمنبقاءه، عند التطبيق في دائرة "الاستثناء ".

ومن بين المقترحات كذلك، إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم اعليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط. وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن "المبرر الموضوعي الاستثنائي" للتعدد، سيُصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.

ومن بين ما تم الاتفاق عليه كذلك، إحداث هيئة غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار،مع جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق.

كما وضعت الهيئة المكلفة بتعديل المدونة من بين المقترحات تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية مع تثمين عمل الزوجةداخل المنزل واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية. وكذا اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق مع قبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.

وبخصوص الأبناء، اقترحت اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية مع إمكانية امتداده في حال الاتفاق بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سكنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به.

وأوصت مقترحات الهيئة بإلغاء سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها، مع وضع معايير مرجعية وقيمية تُراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهمفي تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها.

كما تضمنت المقترحات جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يَتَأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابةالقانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوءمعايير وغايات يحددها القانون؛.

ومن بين المقترحات كذلك، تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلكها من أجل ترشيدالقاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفاتالتي يجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه؛ بالإضافة إلى تأكيد حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون.

وأخيرا، أوصت الهيئة بتفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع "إرث البنات"، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية، إلى جانب فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين في حال اختلاف الدين؛ وبالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا توقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية.

أما فيما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، فتهم على الخصوص؛ توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، معضمان التكوين التخصصي المستمر.

كما تهم مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة؛ إلى جانب تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث شباك" "موحد" على مستوى محاكم الأسرة.

وتتضمن أيضا تأهيل المقبلين على الزواج من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج، مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع، بالإضافة إلى دراسة إمكانية إحداث سجل وطني تُسجل فيه عقود الزواج والطلاق.