أربعة أسباب في نظري تفسر هذه الجاذبية اللافتة التي بدأ يعرفها شاطئ القمقوم الذي أضحى الوجهة المفضلة لساكنة كازا والمحمدية مؤخرا، علما أنه إلى حدود "عهد كورونا"، كان شاطئ القمقوم أرضا مهجورة ولا يرتادها سوى بعض صيادي السمك بالقصبة يعدون على رؤوس الأصابع من أبناء دوار "الكوري" أو دوار "شقشق".
لكن ما أن تم فتح منطقة "السوينية" في وجه التعمير منذ أربع أو ثلاث سنوات، حتى وقعت الطفرة ليس بشاطئ القمقوم فقط، بل بكامل تراب جماعة المنصورية الواقعة بضاحية المحمدية. وهذا ما يقودني إلى استعراض الأسباب الأربعة لهذا الشاطئ (محليا نقول "حجرة القمقوم، نسبة إلى طوبوغرافية الصخرة الكبيرة بالساحل التي تشبة القمقوم):
أولا: تجنب واضع تصميم "حي السوينية" تكرار زرع متتالية الإقامات السكنية ( العمارات المتناسلة)، التي سبق أن تم استنباتها على طول ساحل المنصورية الرابطة بين المحمدية وبوزنيقة، ولجأ إلى تبني السكن المختلط، الذي يسمح بصهر الفئات الاجتماعية من مختلف البروفيلات من جهة، ويسمح بتعزيز دينامية الاقتصاد الحضري بالحي المذكور بحكم الوظائف التي حددتها وثائق التعمير بأسفل طوابق الوحدات السكنية( محلات؛ صيدليات، خياط، مختبر، مقاه ومطاعم، إلخ...) من جهة ثانية، وهو ما أضفى دفئا اجتماعيا كسر الرتابة والبرودة الاجتماعية التي تميز الإقامات المذكورة التي تعد مجرد منامات فقط .
ثانيا: مسلسل التعمير في حي "السوينية" الذي لا تتجاوز مساحته 100 هكتار تقريبا ( ما يعادل بالكاد 1،2% من المساحة الكلية لجماعة المنصورية)، نفخ الروح في المقطع الرابط بين المحمدية - بوزنيقة، على اعتبار أن الشواطئ التي كانت تجذب سكان كازا وفضالة هي "سابليت وميموزا ودافيد والداهومي"، وكانت هذه الشواطئ تجذبهم صيفا فقط، لكن مع فتح التعمير بحي "السوينية" وما نجم عن ذاك من عمران وتوطين السكان، فضلا عن وجود دوريات الدرك الملكي والقوات المساعدة بشكل دائم ويومي، أضحى شاطئ القمقوم نقطة تغري المواطنين بالذهاب إليه، مما حفز وساهم في ظهور مهن هامشية تقدم مأكولات خفيفة: "بيتزا، حريرة، ساندويتشات، بابوش (حلزون) الخ...." على طول "الكورنيش الصغير المهيأ من حجرة "القمقوم" إلى "لابيسين".
ثالثا: هذه الجاذبية حفزت السلطات العمومية (مدنية وعسكرية)، للتدخل لكي ترافق هذه الدينامية الحضرية، عبر المصادقة على إنجاز بعض الأوراش لتجويد العرض المقدم بالساحل. إذ بحكم وجود عقار عسكري مهم بساحل المنصورية تابع للحرس الملكي، تدخلت وكالة الأملاك والمساكن العسكرية(AELM)، ومجلس جماعة المنصورية ومجلس جهة البيضاء، لتشكيل مونطاج مالي بقيمة 70 مليون درهم ( كل جهاز يساهم بثلث الغلاف المالي)، لتجهيز كورنيش بساحل المنصورية على امتداد 4 كيلومترات، سيزيد بالتأكيد من جاذبية هاته المنطقة.
رابعا: إتمام مشروع توسيع وتعبيد الطريق الساحلية من قنطرة بلوندان بالمحمدية إلى مدخل شاطئ بوزنيقة على طول 22 كلم ( كلف المشروع 35 مليار سنتيم بالإنارة العمومية)، منح مستعملي الطريق رفاهية وأمانا أكثر، مما شجع ساكنة كازا والمحمدية على التنقل إلى "القمقوم"، لسرقة سويعة بالشاطئ على امتداد أشهر السنة، خاصة وأن هذه الطريق لديها منافذ تربط مستعملي الطريق بشبكة الأطوروت في كل اتجاه.