فن وإعلام

“فيزا فور ميوزيك”.. تثمين الآلات الموسيقية التقليدية الإفريقية على طاولة النقاش

كفى بريس (و م ع)
شكل موضوع تثمين الآلات الموسيقية التقليدية الإفريقية محور ندوة ندوة نظمت الخميس بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، في إطار فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان “فيزا فور ميوزيك”.

وسلط المشاركون في هذا اللقاء الضوء على تحديات الحفاظ على الآلات الموسيقية التقليدية وصيانتها، وتثمينها، ونقلها وتجديدها، حيث حفز ذلك تبادلا للمعارف والخبرات حول مواضيع مختلفة تهدف إلى تعزيز التراث الثقافي الموسيقي، لا سيما الإفريقي والمغربي.

وأكد الباحث المتخصص في علم آلات الموسيقى بجمعية ساندجا بالكاميرون، ميشيل ندوه ندوه، في كلمة بالمناسبة، على أهمية هذا التخصص الذي يتمحور حول الدراسة العلمية للآلات الموسيقية، في حماية التراث الموسيقي التقليدي، موضحا أنه يلعب “دورا حاسما” في الحفاظ عليه وإبراز قيمته، من خلال المساهمة في فهم أفضل لثقافة وهوية الشعوب، لاسيما من خلال تحليل الخصائص الفيزيائية والصوتية والتاريخية للآلات.

وشدد على أن “انتقال المعارف المتعلقة بالآلات الموسيقية التقليدية عملية معقدة تعتمد على الممارسة والشفهية والنقل عبر الأجيال”، موضحا أن علم آلات الموسيقى يوفر إطارا منهجيا لتدوين هذه المعارف وإضفاء الطابع الرسمي عليها وجعلها في متناول الجمهور الواسع، مما يتيح لهؤلاء العلماء تحديد تقنيات التصنيع ووصف أساليب العزف وتحديد الأرشيفات الموسيقية وتسهيل توثيق آلات الموسيقى.

من جانبها، قدمت نائبة محافظ المتحف الوطني للموسيقى، دار الجامعي بمكناس، صفاء عقيلي، لمحة تاريخية عن متحف مكناس، موضحة أنه يجمع بين نوعين موسيقيين، وهما الموسيقى التقليدية والموسيقى العربية الأندلسية، حيث تعرض الآلات الوترية والنفخية والإيقاعية، بالإضافة إلى الملابس التقليدية التي ترتديها الفرق الموسيقية المغربية.

وأكدت على أنه “ينبغي إيلاء اهتمام خاص للحفاظ على الهوية الثقافية التي يحملها التراث الموسيقي، والجانب التعليمي (الدورات التدريبية، والورشات)، بالإضافة إلى القيمة السياحية من خلال المهرجانات والسياحة”.

وأشارت إلى أن بعض الآلات مثل “الدف” (طبلة مصنوعةمن جلد الماعز) و”الشوفار” (آلة نفخ يهودية مغربية) و”عود الرباعي” هي أمثلة على الآلات الموسيقية التقليدية المعروضة في المتحف، لكنها لم تعد بارزة عمليا في المشهد الموسيقي الحالي.

من جانبه، استعرض صانع العود، ورئيس الجمعية المغربية لصانعي العود، خالد بلهيبة، خصائص سوق الآلات الموسيقية التقليدية، خاصة العود الذي يسجل اليوم “إقبالا قويا” من طرف الموسيقيين والمحترفين الأجانب.

وأكد بلهيبة أن الميزة الموسيقية الفريدة لهذه الآلة، والتي شكلتها خبرة “لمعلمين” المغاربة، تجعلها متميزة عن العود المشرقي، مع وجود اختلافات على مستوى الخشب المستعمل والقدرة على التكيف وإنتاج أصوات خاصة بأجناس موسيقية اخرى عالمية، على غرار الجاز.

وشدد بلهيبة من جهة أخرى على ضرورة مواكبة تكوين الشباب ونقل المعارف التقليدية، التي أصبحت اليوم بين أيدي 30 و40 “معلما” على الصعيد الوطني، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك أنواعا مختلفة من العود متاحة للمتدربين، وللمحترفين وللعروض خلال المهرجانات وفعاليات أخرى.

وفي السياق ذاته، أوضح كل من الفنان والنحات والموسيقي المتخصص في إصلاح وترميم الآلات الوترية، علي بنصالح، والمدير لعدد من المهرجانات بالمغرب، فوزي الشايب، والموسيقي والكاتب والملحن، مراد بلوادي، في مداخلاتهم حول المتطلبات التقنية والصوتية المرتبطة بالآلات التقليدية، أن أصوات هذه الأخيرة تبدو معقدة، أخذا بعين الاعتبار أن الميكروفونات المتوفرة في السوق لا تسمح جميعها بنقل الخاصية “الشاعرية” والأصلية للآلات، وهو ما يجبر الفنانين التقليديين على إيجاد حلول مناسبة.

وتعد الدورة الحادية عشرة من تظاهرة “فيزا فور ميوزيك”، التي تنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، (من 20 إلى 23 نونبر الجاري)، من أبرز مواعيد الموسيقى الإفريقية والشرق أوسطية، حيث تجمع أكثر من 1000 محترف في الصناعة الموسيقية و500 فنان من مختلف أنحاء العالم.

يذكر أنه منذ تأسيسه سنة 2014 من طرف مؤسسة أنيا الثقافية، يعد مهرجان (فيزا فور ميوزيك) ملتقى حقيقيا للفاعلين في مجال الموسيقى، إذ يقدم برنامجا يلبي احتياجات مهني و عشاق الموسيقى من خلال لقاءات وعروض موسيقية حية و مؤتمرات وورشات عمل منظمة في عدة أماكن تاريخية بمدينة الرباط.