عايشت الكثير من المعاناة التي مر ويمر منها المراسلون الصحافيون... لقد كنت شاهدة، والذين سبقوني لميدان الصحافة كانوا شهودا أكثر مني، على ما قدمه المراسلون الصحافيون للمنابر الإعلامية في تاريخ الصحافة المغربية، ذلك أنه في زمن سيادة الصحافة الورقية والإذاعة، لم تكن الصحافة وخاصة الورقية منها قادرة على تغطية أخبار كل مناطق المغرب، بواسطة صحافييها الذين يشتغلون معها بعقود، لضعف الإمكانيات، وهكذا كان اللجوء إلى مراسلين عاشقين لهذه المهنة النبيلة، وكان منهم الطلبة والأساتذة والموظفون، ولم يكونوا بالكاد يتوصلون إلا بتعويضات رمزية أو لا يتوصلون بها، بل منهم من كان مناضلا متطوعا ، وخصوصا في الصحافة الحزبية.. ولحد اليوم، ما تزال العديد من المنابر الإعلامية الوطنية تعتمد على المراسلين، وأغلبهم بدون عقود، تكتفي المؤسسات الإعلامية بمدهم بورقة عبارة عن تكليف، وبميكروفون وآلة تسجيل في أفضل الحالات، ولا يحصلون إلا على تعويضات هزيلة ومتفرقة.... غير أنه إذا كان الكثير من هؤلاء المراسلين يساهمون في الخدمة الإعلامية ونقل الأخبار، خصوصا في المناطق النائية عن المركز، مما يجعلهم يلعبون أدوارا في نقل مشاكل الساكنة المحلية، فإن آخرين للأسف يستغلون تكليف المؤسسة الإعلامية لهم أو الميكروفون الحامل للوغو المؤسسة، للقيام بممارسات مشينة، ومنها الابتزاز . ولذلك، فإن تنظيم قطاع المراسلين الصحافيين هو ضرورة، سيستفيد منه الجميع، إذ سيضع إطارا قانونيا لاشتغال المراسلين أكثر حماية لهم، وحفظا لحقوقهم، كما أنه سيجنب المقاولات الإعلامية الدخول في نزاعات قانونية مع هؤلاء المراسلين، إذا تم الاستغناء عن خدماتهم لسبب من الأسباب، قد تكون متعلقة بمشاكل مالية للمقاولة، أو بقصور في عمل المراسل، أو بسبب انزياحه عن أخلاقيات المهنة، كما أن هذا التنظيم سيحد من الممارسات الابتزازية التي تخل بالمهنة، والتي تسيئ لمهنة الصحافة، خصوصا حين تصبح مادة دسمة في شبكات التواصل الاجتماعي، وهم يحملون ميكروفونات مؤسسات إعلامية تجد نفسها في موقع حرج، وتتحمل تبعات أخلاقية لما قام به "المراسل المفترض"، مع العلم أن هذه الحالات تبقى معزولة، ولكنها تسيئ لصورة الصحافة الوطنية... ولا يمكن إلا دعم مبادرة إنصاف وتنظيم فئة المراسلين الصحافيين والصحافيات.. برافو للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين على اقتحام هذا الملف الشائك أخلاقيا ومهنيا وقانونيا وإنسانيا …