قضايا

الحاجة لإعادة التوازن الطبقي في المجتمع

عبد الرزاق بوقنطار (الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بالمغرب)
 %: les élites

 s'accaparent les ressources et la richesse collective. 99 %: le peuple regarde et cogite

كفى من المس بالقدرة الشرائية للمستهلك. أخطر أمر يمكن أن يصيب أي بلد، هو اللحظة التي تصل فيها حكومة إلى التمييز والتفرقة بين جميع مكونات أبناء البلد الواحد. يلعب المستهلك دورا محوريا في بناء النسيج المجتمعي إن على مستوى التأثير في التأطير أو الاستهلاك أو إحداث تغييرات في أنماط الحياة المجتمعية، فهي عنوان مركزي لإحداث التوازن الاجتماعي والحداثة السياسية لكونها تفجر التحفظات المزيفة للطبقات الدنيا والعليا، مثلما تنتصر لقيم الانفتاح والتسامح والمصالحة.

إن التموقع المتميز للطبقات الوسطى يشكل نمطا مركزيا لإحداث تحولات قوية في الفضاء الاجتماعي والسياسي ثم الإقتصادي، حيث يغدو الرهان عليها رهانا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، بل إنها تتحول إلى صمام أمان لأي نظام سياسي واعد بالإصلاح.

فعلى امتداد التاريخ السياسي الإنساني، لعبت هذه الطبقة أدوارا طلائعية في منح الفعالية والنجاعة للأنظمة السياسية الديمقراطية السوسو-إقتصادية، إذ تقوي الفعل الديمقراطي، من جهة، وتواجه كل أشكال التطرف الاجتماعي، من جهة أخرى، فكلما تقوى حضورها إلا وانخرطت بشكل فاعل في تدبير الشأن العام، الأمر الذي ينعكس إيجابا على المجتمع برمته.

حسب دراسات الباحث الإنجليزي ريتشارد سينت، وهو أستاذ علم الاجتماع في مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، خصوصا كتابه «The Hidden Injuries Of Class» والذي سلط فيه الأضواء على العوائق التي تعترض هذه الطبقة كإشكالية توفر الوظائف والنظام التعليمي وإشكالية الديون المتراكمة عليها، إلى جانب التحول الحاصل في منظومة القيم ونظرة الطبقة الوسطى إلى المستقبل.

فأي واقع يعتري الطبقة الوسطى بالمغرب؟

ساهمت الطبقة الوسطى، بشكل وافر و دائم "قهرا"، في أغلب التحولات المجتمعية التي عرفها المغرب من خلال حكوماته السابقة،و هي واعية بكل ظرفية.

قناعة التحليلات:الإقتصادية، الإجتماعية، النفسية، السياسة،... منذ عقد السبعينيات بدأنا نتحدث عن الإرهاصات الأولية لتشكيل الطبقة الوسطى بالمغرب، بيد أنه مع مطلع الثمانينيات ستشهد هذه الطبقة تحولات ملحوظة على مستوى بنيات شرائحها، ليستمر هذا الوضع حتى نهاية عقد التسعينيات، خصوصا مع بلورة العهد الجديد للمشاريع تفرق فيها السبل بين الطبقة الوسطى.

تسارعت القروض الاستهلاكية الموجهة للأسر المغربية، حسب نشرة الإحصائيات النقدية، الصادرة عن بنك المغرب، لتنمو وتتزايد بنسبة 1 في المائة إجمالا، الشق الأكبر منها كان موجها للاقتراض من أجل الغرض الاقتصادي المتمثل في العقار والسكن الذي تسارع نموه بـ1,7 في المائة، فيما نمت القروض الاستهلاكية إلى 0,9 في المائة خلال الشهر ذاته. عرفت القروض البنكية الموجهة “للقطاع غير المالي” تسارعا في النمو من 1,2 في المائة إلى 2,8 في المائة خلال شهر يوليوز الماضي، وهو ما شد انتباه خبراء ومحللين اقتصاديين أبرزوا أن ذلك تحصيل حاصل وتأكيد لفرضية ضعف أو تراجع القدرة الشرائية للأسر، فضلا عن تراجع القدرة على الادخار.

التضخم الذي يستمر إحساس الأسر به في قفتهم اليومية، يخفض بشكل ملموس القدرة الشرائية للمستهلك، مع استحضار “ضعف القدرة الطبيعية على الادخار رغم الأزمات لدى بعض المستهلكين المغاربة. مصاريف الدخل لدى عدد كبير من الأسر المغربية تتوجه إلى تسديد ديون قديمة أو تكون في حكم المتعثرة (créances en souffrance)، لأن دوامة الاقتراض قد ابتلعت كثيرا من الأسر التي بدأت تعيش حياتها المالية العادية بحضور القروض الاستهلاكية ضمن تركيبتها، جزءا كبيرا منها خصص لمصاريف السفر والعطلة الصيفية و عيد الأضحى - الكبش و المبرد أو المجمد "الثلاجة"- و الدخول المدرسي - في القطاع الخاص: مصاريف التسجيل و الأداءات الشهرية والنقل المدرسي والمطعمة والمقررات والدفاتر .... وحينما يبقى الرهان الحقيقي لحماية المستهلك هي مجموعة من القوانين والتنظيمات المصممة لضمان حقوق المستهلك وضمان التجارة العادلة، والمنافسة والمعلومات الدقيقة في السوق. تلك القوانين صممت لمنع الأعمال التي تتعلق بالغش أو الممارسات غير العادلة للحصول على مزايا أكثر من المنافسين الآخرين. كما توفر حماية إضافية للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع.