سلط لقاء فكري نظم السبت ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية، الضوء على أهمية ومكانة القيم الروحية في الوقت الراهن بالمجتمعات المعاصرة.
وتوقف باحثون وفاعلون في مجال التصوف من بلدان مختلفة، خلال هذا اللقاء المنظم تحت شعار “تدبير الشأن الروحي في العلاقات الدولية: أي حكمة في عصرنا الحالي؟” عند الدور المحوري الذي يمكن أن تضطلع به القيم الروحية في المجتمعات المعاصرة وفي تدبير الشأن الاجتماعي والسياسي وغيره من المجالات.
وأكد المتدخلون، بالمناسبة، أن التصوف له منحى كوني ويجدد نفسه باستمرار، مستدلين بأمثلة عديدة لمفكرين وباحثين ومتخصصين في التصوف مثل “ابن عربي” و”جلال الدين الرومي”.
وثمنوا، في هذا الصدد، التجربة الصوفية المغربية المتميزة والتي تساهم في تعزيز تجذر القيم الروحية للتصوف بشكل عميق في المجتمع المغربي منذ أزمنة طويلة.
وتميز هذا اللقاء، الذي حضره والي جهة فاس – مكناس سعيد زنيبر بتكريم عبد الكريم بناني، رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، وأحد الشخصيات البارزة في المجال الجمعوي بالمغرب.
وفي شهادة في حق المحتفى به تُليت نيابة عنه أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن المتصفح لمعجم “معلمة المغرب” يجد تعريفا بأسرة بناني والأعلام المعرف بهم أكثر عددا من أعلام أي أسرة مغربية في هذه المعلمة، فهم بعدد يزيد عن 45 استوطنوا مدينة فاس منذ عهد الأدارسة وإن لم ترد أخبار من عاشوا قبل عهد الدولة العلوية”.
وأبرز التوفيق، في هذه الشهادة التي تلتها ممثلة الوزارة، سعاد مقتصر، أنه في عهد المولى اسماعيل انتقل الحاج عبد السلام بناني من فاس إلى الرباط بأمر من السلطان، حيث أقام بهذه المدينة للتدريس ونشر العلم، مشيرا إلى أن البنانيين المكناسيين ينتمون للأسرة البنانية الفاسية وأول من انتقل منهم إلى مدينة فاس في أواسط القرن الـ 13 والد الحاج عبد الرحمان بن محمد بناني، وقد اشتغل أفراد هذه الأسرة بالتجارة الواسعة فأثروا واتجه شباب منهم للدراسة العصرية المتنوعة.
وأضاف الوزير أن أعلام الأسرة البنانية في كل من فاس والرباط، اشتهروا بالعلم والتدريس وبتولي الخطط المخزنية والقضاء، كما كان منهم منتسبون للتصوف ومناضلون في الوطنية.
كما توقف التوفيق عند أحد الأعلام البنانية وهو الشيخ فتح الله بن أبي بكر المتوفى عام 1933، وهو صاحب الزاوية الشهيرة بالرباط له 12 مؤلفا منها كتاب بعنوان “إتحاف أهل العناية الربانية باتحاد طرق أهل الله وإن تعددت مظاهرها الحقانية”.
من جانبها، أشادت مديرة مديرية الوثائق الملكية، بهيجة سيمو، بالخصال الاستثنائية للسيد بناني الذي يعتبر من الوطنيين الكبار ورجل دولة متفان في خدمة الوطن والعرش العلوي المجيد.
وأضافت السيدة سيمو أن المحتفى به، يجمع بين قواعد الآداب السلطانية ومعالم نظم الدولة، من خلال تجاربه المكتسبة في عدة مجالات، وما يتصف به من حِلم ووقار.
كما أشادت بتنظيم مهرجان فاس للثقافة الصوفية الذي يساهم في التعريف بجزء من التراث المغربي الروحي الأصيل.
وفي السياق ذاته، نوهت شهادات أخرى بالمسار العلمي والثقافي لبناني، إلى جانب إسهاماته في تنشيط الحياة الثقافية والفكرية على الصعيد الوطني.
وأعرب بناني عن امتنانه لهذه المبادرة ، مؤكدا أن المهرجان يشكل “فسحة للعودة إلى النفس ومحاولة فهم دور الإنسان في الحياة”.
وفي تصريح للصحافة بالمناسبة، أكد رئيس المهرجان فوزي الصقلي، أن هذه الدورة من المهرجان المنظمة ما بين 20 و 27 أبريل ، تسعى إلى تقديم قيمة مضافة من خلال إثراء النقاش حول قضايا معاصرة وفي خدمة الإبداع.
وتابع الصقلي أن من شأن هذا التراث الصوفي المساهمة في تغذية الفكر والقيم، وتجاوز عدد من الصعوبات التي قد تواجه الإنسان إذا ظل متشبثا بالإيديولوجيات والتيارات المادية”.
وتنظم الدورة السادسة عشرة من المهرجان تحت رعاية الملك محمد السادس تحت شعار: “اعرف نفسك بنفسك”.
وتتضمن الدورة برنامجا متنوعا يركز على الثقافة الصوفية في افريقيا، كما سيعيش جمهور التظاهرة في سفر موسيقي فريد عن طريق الموسيقى الصوفية الآسيوية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على المكانة المهمة للثقافات الصوفية وأشهر الطرق الصوفية المغربية.