"استنجدت" وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة، بآلية الدراسة "عن بعد"، لتفادي شبح سنة بيضاء، بعدما تواصلت إضرابات واحتجاجات الأساتذة للأسبوع الخامس على التوالي.
وقررت الوزارة اعتماد الدعم التربوي الرقمي (عن بعد) عبر منصة “TelmidTICE” وتطبيق الهاتف المرتبط، مشيرة، في بلاغ لها، إلى أنها ستضع رهن إشارة التلميذات والتلاميذ وأولياء أمورهم المنصة المخصصة لذلك.
ورغم أن الوزارة بررت تبنيها لهذه الخطوة فى سياق ما سمته "مواصلة توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية"، إلا أنه من الواضح أن قرار الدعم التربوي "عن بعد" اتخذ في سياق خاص سمته البارزة أزمة خانقة في قطاع التعليم. ومن المؤسف أن هذه الأزمة بدأت منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي، ما يعني أن فئات واسعة من المتمدرسين في التعليم العمومي ما يزالون في " أجواء العطلة" التي تمتد من الصيف الماضي، ولم ينخرطوا، بعد، فعليا، في أجواء الدراسة وفي عملية التعلم.
إننا في مسار هدر زمن دراسي بامتياز، تتحمل مسؤوليته الوزارة الوصية التي لم تتقن إدارة الحوار مع النقابات بشأن النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية، ولم تحسن التواصل والتسويق لهذا النظام الأساسي، كما ينبغي تحميل المسؤولية للأساتذة المضربين الذين حرفوا النقاش حول النظام الأساسي وانصب انشغالهم أساسا حول تحسين أوضاعهم المادية، رغم أن الحكومة نبهت منذ انطلاق الحوار إلى أن موضوع الزيادة في الأجور له سياق آخر...
قرار وزارة التربية الوطنية باعتماد الدراسة "عن بعد" تمرين حكومي، تحضيرا لما هو أسوأ، أي في حال استمرار الإضرابات لأيام أو أسابيع أخرى، وهو قرار يؤشر إلى استعداد الوزارة الوصية لمواصلة عملية شد الحبل مع الأساتذة، والتوجه نحو التمدرس "عن بعد" في غياب الأساتذة، في انتظار ما ستسفر عنه جولات الحوار الجديدة بين اللجنة الحكومية والنقابات.
ويبقى السؤال المطروح هو: هل بإمكان الدراسة "عن بعد" أن تضمن تكوينا مناسبا للتلاميذ يعفيهم من حضور الأساتذة؟ لقد أبانت تجربة الدراسة عن بعد إبان جائحة كوفيد 19 عن الكثير من الثغرات ، أبرزها غياب الوسائل المناسبة في التعلم، ووجود الفوارق بين المتمدرسين في الحواضر وفي القرى، ومشاكل أخرى لا سبيل إلى ذكرها هنا، مما يعني أنه في الحالة الراهنة، يستحيل التعويل على الدراسة "عن بعد" لتعويض الحضور الفعلي للأساتذة ولتخفيف آثار هدر الزمن المدرسي..






