كان على وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي يستعمل عبارة "لي ذراع الدولة" كلما أتيحت له فرصة الحديث عن قطاع يحتج على قضايا تهمّه، أن يزور الدار البيضاء، ويمتّع عينيه، (يسقي عويناتو)، "بهدوء ومن تحتها"، في مشاريع ريعية بامتياز "نبتت" بأسمدة الريع، وترعرعت بسياسة الريع، وتدِرّ الملايير بدون معايير، في خرق سافر لأعراف السياسة، ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكافؤ الفرص وجميع القوانين الجاري بها العمل.
لعل السيد الوزير يتذكر خطاب الملك سنة 2013 حينما انتقد جلالته تسيير الشأن المحلي في الدار البيضاء، ولخص الأمر في عبارة: "ضعف الحكامة". لكن ماذا وقع مباشرة بعد خطاب عاهل البلاد؟
مباشرة بعد خطاب الملك، قام رئيس جهة الدار البيضاء أنذاك بتفويت أرض تابعة للأملاك المخزنية في منطقة الوازيس بالدار البيضاء إلى شركة في اسم زوجته؛ لتشييد ملاعب القرب، كما يوضح دفتر التحملات الذي تم تقديمه للسلطات المختصة.
لكن و بعد أن تمت عملية التفويت "بنجاح"، قامت الشركة التي تأسست ليلة عملية التفويت، ببناء أضخم قاعة للحفلات، ومقرات شركات، وقاعة مساج، وفندق مصنف، فيما كانت مسألة الملاعب سوى حيلة و"ماكياج" للسطو على الأرض في هذا المشروع الضخم الريعي.
بعد خطاب الملك الذي تحدث فيه جلالته عن "الجدية" تسارع صاحبة المشروع الزمن بكل "جدية" لاستكمال أشغال بناء الفندق، مع العلم أن المشروع بأكمله مايزال قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، من أجل استغلال النفوذ، والتحايل على القوانين الجاري بها العمل، وتضارب المصالح في الجماعة.
والأنكى والأدهى من هذا كله، هو أن صاحبة المشروع تستغل القاعة والمقاهي وقاعة المساج، وتكتري مقرات لشركات عقارية أخرى، مع العلم أن المشروع بأكمله لم يحصل على التراخيص اللازمة من طرف جماعة الدار البيضاء، لكن حصل على رخص استثناء لهذه الأرض "المباركة" وما فوقها وما تحتها.
غير بعيد عن هذه الأرض "المباركة" توجد "البراكة" التي تم تشييدها وتثبيتها بقوة فوق مدار طرقي؛ لكي لا تقتلعها أي "رياح" مهما كانت قوتها، حيث تجري كل يوم من تحتها وفوقها أنهار الخمور؛ لأن عدد زبنائها يفوق عدد سكان قطر، وبذلك تصبّ أنهار من الملايير في بحر الريع كل شهر.
في عين الذئاب، يمكن لقائد الجرار أن يستنشق كذلك هواء الريع في فضاء، لو تمت كتابة سناريو حول الريع الذي يميزه منذ أكثر من عشرين سنة، لما تم عرض فيلمه في السينما المجاورة، ولما حاز الفيلم على أعلى الجوائز في مهرجان فيلم مراكش وحتى مدينة "كان" الفرنسية.
بعد هذه الجولة في مشاريع الريع يمكن لسعادة الوزير الذي يتغنى كل مرة ب"ليّ ذراع الدولة"، أن يلتقي في ابن مسيك بمتحور عجيب للريع "يمد رجليه" بعد القبض على أكثر من عشرين منصبا عن طريق الانتخابات التي دخلها قبل عشرين سنة منتخبا عاديا، ليصبح مليارديرا، "يسبّح" بسيادة الرئيس، ولا أحد يعلم أيّ رئيس يقصد، حيث يردد دائما فقط عبارة "مادام الرئيس حيا لن يحاسبه أي أحد".