قضايا

شركات المحروقات تواصل مراكمة الأرباح في غياب المنافسة

علي الغنبوري (محلل اقتصادي)

في خضم كثرة الأحداث التي يعيشها المغرب يبدو أن تقرير مجلس المنافسة حول سوق المحروقات يمر مرور الكرام، حيث يظهر هذا  التقرير بشكل واضح لا يقبل أي تأويل، أن شركات المحروقات في المغرب ما تزال تتعامل مع انخفاض الأسعار الدولية بمنطق انتقائي، بعيد عن منطق الشفافية.

 فالمجلس يؤكد أن تكلفة استيراد الغازوال تراجعت خلال الربع الثاني من سنة 2025 بحوالي 0,98 درهم للتر، لكن المستهلك لم يستفد سوى من 0,47 درهم فقط عند المحطات ، ونفس الشيء بالنسبة للبنزين، حيث بلغ الانخفاض الدولي 0,61 درهم للتر، بينما لم يصل إلى المواطن سوى 0,32 درهم

هذا الفرق الواضح يبين أن جزأ مهما من الإنخفاض تحتفظ به الشركات على شكل ارباح إضافية  بدل تمريره كاملا للمستهلك، كما يكشف التقرير عن مسألة خطيرة تتعلق ببنية السوق نفسها، إذ إن تسع شركات فقط تستمر في الهيمنة على أكثر من 81% من واردات وقدرات تخزين المحروقات، ما يجعل المنافسة شبه غائبة، ويمنح هذه الشركات قوة كبيرة في التحكم بالأسعار وتحديد كيفية تحديد الارتفاعات والانخفاضات.

المجلس ينبه أيضا إلى أن الشركات تعتمد ممارسات تسمى بـ"التعويض بين الفترات"، بمعنى أنها حين ترتفع الأسعار الدولية تمرر الزيادة بسرعة، لكن حين تنخفض، تتباطأ في عكسها، حفاظا على هامش الربح، ما يجعل الأمر يدخل في خانة الإحتكار الذي يجعل المواطن دائما الخاسر الأكبر.

هذا  التقرير يجب أن يدفع إلى طرح  تساؤلات حقيقية حول مدى احترام هذه الشركات لالتزاماتها التصالحية السابقة، ومدى التزامها بالشفافية، لأن جزأ كبيرا من التخفيضات لا يصل إلى جيب المواطن، ما يستوجب تفعيل إجراءات أكثر صرامة لضمان عدالة الأسعار، وتوضيح طريقة احتسابها، وإلزام الشركات باحترام التنافسية الحقيقية.