"وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ”.
يخلد المغرب ذكرى عيد الإستقلال، محطة وطنية بارزة تستحضر مسارا تاريخيا ممتدا من النضال الوطني وبناء الدولة الحديثة إلى تكريس الوحدة الترابية وتعزيز مكانة المملكة إقليميا ودوليا.
ويستحضر المغاربة في هذا اليوم تلك اللحظات المشرقة التي قاد فيها الملك المغفور له محمد الخامس معركة التحرير، حيث تلاحمت إرادة العرش والشعب من أجل وضع أسس الدولة المستقلة، وترسيخ قيم السيادة والكرامة التي أصبحت راسخة في وجدان الأمة.
وتتواصل هذه المسيرة التاريخية مع المسيرة الخضراء التي قادها الملك المغفور له الحسن الثاني سنة 1975، والتي شكلت علامة فارقة في التاريخ المعاصر للمملكة، بعد أن جسد المغاربة نموذجا فريدا في استرجاع الحقوق بالأسلوب السلمي، وبالوحدة الوطنية التي صنعت ملحمة حضارية اعترف العالم بتميزها.
واليوم، يستمر البناء الوطني تحت قيادة الملك محمد السادس، من خلال مسيرة التنمية والبناء والنماء، التي تعتمد رؤية استراتيجية بعيدة المدى تتأسس على تحديث البنيات التحتية، وتقوية الإقتصاد الوطني، وتعزيز العدالة الإجتماعية، وترسيخ دعائم الدولة الحديثة المنفتحة على محيطها...
وقد رسخت المملكة خلال السنوات الأخيرة دبلوماسية هادئة وفعالة تقوم على الوضوح والثبات، وتوجه برؤية ملكية متبصرة، وقد تجلت نتائج هذه الدبلوماسية في عدد من المواقف والقرارات الدولية الداعمة للمقاربة المغربية في ملف الوحدة الترابية، وفي مقدمتها القرارات الأممية الأخيرة التي أعادت التأكيد على جدية ومصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الإطار الواقعي والعملي للحل.
وتوج هذا المسار بإعلان 31 أكتوبر عيدا للوحدة، وهو قرار ملكي يحمل دلالات قوية، ويعبر عن تتويج لمسار طويل من استكمال بناء وحدة الوطن وترسيخ تماسكه.
وفي البعد المغاربي، حرص الملك في خطبه ورسائله على التأكيد بأن يد المغرب ستظل دائما ممدودة نحو الدولة الجارة الجزائر، انطلاقا من قناعة راسخة بأن مستقبل الشعبين الشقيقين لا يتحقق إلا عبر الحوار والتعاون، وبأن معالجة مختلف القضايا العالقة، بما فيها الملفات الحدودية ذات الجذور التاريخية، لا يمكن أن تتم إلا بالطرق السلمية، وفي إطار القانون الدولي، وبروح الأخوة وحسن الجوار.
ويعبر المغرب، من خلال هذا النهج، عن إرادة صادقة لإحياء الأمل في بناء فضاء مغاربي مستقر ومزدهر، يقوم على التكامل الإقتصادي، والتعاون الأمني، والوحدة الروحية والثقافية للشعوب المغاربية.
وهكذا، تمثل معركة الإستقلال، والمسيرة الخضراء، ومسيرة التنمية، والدبلوماسية الهادئة، حلقات متكاملة في مسار وطني متجدد، يؤكد أن المغرب ماض بثبات نحو بناء دولة قوية، متماسكة، وفاعلة في محيطها، وقادرة على تحويل تحديات الحاضر إلى فرص للمستقبل.
وبروح الوحدة والتضامن والتطلع إلى غد أفضل، يواصل المغاربة كتابة فصول جديدة من تاريخ وطن لا يتوقف عن صناعة الأمل وبناء التنمية.
وكما استرجع المغرب أقاليمه الجنوبية بوسائل سلمية وحضارية عبر المسيرة الخضراء والدبلوماسية الهادئة، فإنه يظل مقتنعا بأن قضية الصحراء الشرقية يمكن أن تحل هي الأخرى بطرق سلمية قائمة على الحوار البناء والتفاهم المتبادل مع الجارة الجزائر، في إطار من الإحترام المتبادل وحسن الجوار.
فالمغرب لا يسعى إلى التفرقة أو العداء، بل إلى العدل والإنصاف التاريخي، وإلى بناء مغرب عربي موحد تسوده الأخوة والتكامل والتعاون من أجل مستقبل مزدهر لشعوب المنطقة.






