بين دفتي التاريخ وطموحات المستقبل، يسير حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بخطى ثابتة نحو موعد وطني مهم، هو المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب. فبعد النجاح الباهر لمؤتمراته الإقليمية عبر ربوع الوطن ولأشغال لجنته التحضيرية التي أبانت عن حيوية الحزب وتماسك مناضليه وإصرارهم الجماعي على فتح صفحة جديدة عنوانها الأمل، الوفاء والتجديد، وردا صريحا وعمليا على من راهنوا وما زالوا يراهنون على قتل حزب الشهداء والمناضلين المخلصين ودفنه.
لقد حملت النقاشات التي شهدتها اجتماعات اللجنة التحضيرية نفسا نضاليا صادقا، وحرارة التفاعل المسؤول، حيث لم تكن مجرد لحظات تنظيمية، بل محطة إنسانية عميقة أعادت ربط الحزب بذاكرته النضالية، وبهموم الوطن وتطلعات أبنائه. كان الصوت الاتحادي واضحا: لا مستقبل بدون تجديد، ولا تجديد بدون انفتاح، ولا انبعاث بدون جرأة في النقد الذاتي واستلهام دروس الماضي.
مناضلات ومناضلو الحزب، من كل الأقاليم والجهات، التقوا على كلمة سواء: ضرورة استعادة الروح الاتحادية الأصيلة، تلك التي جمعت بين الحلم الجماعي والإرادة السياسية، بين الالتزام الفكري والنضال الميداني. لقد عبرت النقاشات التحضيرية عن تعطش حقيقي لبناء حزب المستقبل، دون أن يفقد بوصلته المبدئية أو يتخلى عن جذوره الفكرية والاجتماعية.
وإن كان المسار التحضيري قد عرف نقاشات مستفيضة واختلافات في الرأي والمواقف، فذلك لم يكن ضعفا أو هشاشة أو شرخا في البيت الاتحادي، بل علامة صحية على أن داخل الحزب قلبا نابضا بالحياة، وعقولا تفكر، وضمائر تسأل، وأياد تمتد من أجل البناء. فقد انتصر صوت الحكمة والتوافق، وأكد الجميع أن الاتحاد الاشتراكي، رغم ما مر به من محن، لا يزال قادرا على النهوض، لأنه يملك ما لا يشترى: تاريخ من النضال، ورصيد من الثقة، ورجال ونساء يؤمنون أن المغرب يستحق الأفضل.
إن المؤتمر الوطني الثاني عشر لا ينبغي أن يرى فقط كاستحقاق تنظيمي، بل كمناسبة لالتقاط الأنفاس، ورص الصفوف، والعودة بقوة إلى الميدان، أكثر تماسكا، وأكثر قربا من الناس، وأكثر انخراطا في معارك الديمقراطية والعدالة والكرامة.
اليوم، ونحن نتابع نجاح اللجنة التحضيرية، نشعر أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يستعد لانبعاث جديد، لا يبنى فقط بالخطابات، بل بالإرادة الجماعية، والرهان على المستقبل، والتصالح مع الذات، والتجذر في المجتمع. فهنيئا لكل المناضلات والمناضلين على هذا النجاح، وهنيئا للحزب بهذا النفس الجديد، وهنيئا للمغرب بحزب لا يزال يؤمن أن الوطن مشروع جماعي يستحق أن نحلم له ونناضل من أجله.
وهنيئا لنا بالقيادة الحزبية وعلى رأسها الأخ الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر الذي عمل على أن يبقى حزب الاتحاد الاشتراكي حزبا كبيرا .






