خجلت من وصف إعلامنا بكونه فشل في تدبير المرحلة. ولذلك اكتفيت بالقول إن التدبير لم يكن موفقا. وأقصد هنا بالمرحلة استعداد المغرب لتنظيم كأس إفريقيا للأمم، بينما دخلت قناة الرياضية في محطة عصيبة من مسيرتها، وتوغل الإعلام، بفعل تسريب المهدوي لفيديو "الشيطنة" و"التكرفيص"، وبفعل إصرار وزير الشباب على تبني كل شاذة وفاذة في مشروع قانون المجلس، وما يليه، مع أن أطرافا كثيرة تدعو إلى المراجعة، في منطقة ضبابية.
لو كنت مكان الرئيس المدير العام للشركة الوطنية، لتركت كل شيء على حاله في قناة الرياضية، إلى أن نعبر من منافسات كأس إفريقيا للأمم. فبما أن من يعنيهم الأمر لم يتحركوا منذ سنتين وأكثر، وتركوا الحبل على الغارب لمن يسيئون التسيير، فلم كان عليهم التحرك لأجل الإصلاح في فترة حساسة، والمغرب مقبل على تنظيم كأس إفريقيا للأمم؟؟
لقد حذرت، شخصيا، في هذه الصفحة، وغيرها، مما نحن مقبلون عليه، وقلت مرارا وتكرارا إننا إزاء مرحلة مهمة للغاية بالنسبة إلى بلادنا، يلزمها إعلام قوي بكل أبنائه، بينما كان بعضهم يستقوي بمن يستقوي بهم، ليحدث الفرقة، وهو لا يفهم شيئا لا في الإعلام، ولا في القوة الناعمة، ولا في الظرفية التي نعيشها، وتلك التي نحن مقبلون عليها.
ومن عجيب الصدف، أن المراقب المحايد سيطرح على نفسه مليار سؤال وهو يرى كيف أن إعلامنا دخل في كل أشكال الحروب على مقربة من كاس إفريقيا للأمم، حتى إننا رحنا نناقش، على الملإ، أعطابنا الخاصة، في التلفزيون، والسوشل ميديا، بينما كان يجدر بنا أن نشد اليد باليد، ونضع كل خلافاتنا جانبا، كي "نهز العلام" ببلادنا، و"نزيدو القدام"، إلى أن تنتهي المنافسات القارية، حيث يتعين تسويق صورة جميلة، وراقية، وبراقة، للمملكة، ثم ننكفئ على أنفسنا، كي نصلح أعطابنا مع بعضنا البعض، في حوارات وطنية، شفافة، وراقية، بلا تشنج، ولا رغبة في الاستقواء على بعضنا، وإقصاء بعضنا.
لماذا تركنا قناة الرياضية في العبث طيلة عشر سنوات، ثم تذكرناها على مقربة من الكان؟؟ لماذا طرحنا كل نقاشات المجلس الوطني وقانون الصحافة على مقربة من مافسات الكان؟؟ لماذا شحذنا السكاكين على بعضنا على مقربة من الكان؟؟؟ ألم يكن يجدر بنا أن نعلن الهدنة، ونلتف حول بلدنا، ونشتغل ليل نهار، في فترة قلما يجود بها الزمن، وطالما انتظرناها، كي نسوق صورة جميلة وراقية لبلدنا، ونستثمر بها في المستقبل؟؟؟
في كل الأحوال، يجدر بي اليوم أن أحيي عاليا القناة الثانية على عملها الكبير، وحضورها البهي، فضلا عن قناة ميدي 1، على عملهما الذي تنجزه بمناسبة احتضان المغرب لكأس إفريقيا للأمم، وزملاءنا في القناة الأولى، على مجهودهم الجبار.. وأتمنى حظا سعيدا للقناة الرياضية، في ما سيأتي، حيث إخواني وزملائي، يرغبون في العطاء، لكنهم لا يجدون أفقا رحبا يليق بانتظاراتهم.
أخيرا.. ألم يكن حريا بمن يدبرون الإعلام العمومي، مثلا، أن يجمعوا شتاته في هاته المناسبة، بحيث تشتغل كل القنوات (الأولى، والرياضية، والأمازيغية، والثقافية، وقناة العيون، والإذاعات الجهوية، على عمل موحد؟؟؟؟؟ بحيث يؤدي كل طرف فيه جزءا منه، لنكسب الرهان القاري؟؟؟؟؟؟؟
إنها مجرد أسئلة معلقة.. ربما تبقى معلقة إلى ما لا نهاية.. ولكنها تعبير عن حرقة قلب يحب بلده، ويرجو له الخير، ولطالما فاض به الكيل، وقال في السر والعلن، ما يتعين فعله، ولكن "لا حياة لمن تنادي".. ولك الله يا بلادي..






