رأي

الطيب دكار: المجلس العسكري الجزائري يُقرر مأسسة الابلاغ عن المواطنين المغاربة والفرنسيين

صحفي وكاتب

وفقًا لمنطق قانون التعبئة العامة الجديد في الجزائر، أصبح لزاما على كل  مواطن جزائري يأوي أو يتواجد بالقرب منه مواطن أجنبيً من "دولة معادية" الإبلاغ عنه لأجهزة الأمن، وإلا سيُعرّض نفسه لعقوبات جنائية جسيمة (من ستة أشهر إلى سنتين سجنًا) وغرامات مالية (تصل إلى 20 ألف دينار جزائري (135 يورو)).

 

غير  أن القانون لا يُحدد الدول المعادية للجزائر  لتوضيح الأمر   للمواطنين الجزائريين، علما  أن السلطات الجزائرية 

تقصد   فرنسا والمغرب، اللتان غالبًا ما يُشار إليهما في الخطابات الرسمية بـ"الأعداء التاريخيين والتقليديين" للجزائر. ومع ذلك، من السهل على المواطنين فهم تلميحات النظام الجزائري الاستبدادي، نظرًا لحملات التشهير والقذف  المستمرة التي تستهدف هذين البلدين ومؤسساتهما ومسؤوليهما. 

 

نظريًا، سيصبح من مسؤولية  الأزواج  المختلطة،  مثل  الازواج المغربية- الجزائرية أو الجزائرية- الفرنسية، وفقًا لمنطق هذا القانون الذي يعود إلى  القرون الوسطى.  والرجعي، الإبلاغ فورًا عن أزواجهم المغاربة او المغربيات  أو الفرنسيين او الفرنسيات  لأجهزة الأمن،  رغم إقامتهم ( هن) في البلاد لعقود، سوف  يتعرضون (يتعرضن ) للابلاغ عنهم (او عنهن)  من طرف جيرانهم أو أقاربهم، بينما في الماضي، في ظل الحكم الاستعماري، كانت جبهة التحرير الوطني تقطع رؤوس من يُبلغون عن المجاهدين للسلطات الفرنسية.

 

واليوم، يُجيز النظام الجزائري الاستبدادي هذه الممارسة، التي أدرجت رسميا في القانون ، ضد بعض الأجانب، لمجرد أنهم أجانب.

 

وسوف  ينطبق هذا على الجميع، بمن فيهم بعض كبار المسؤولين الجزائريين، الذين سيُجبرون الآن على الإبلاغ عن أزواجهم المغربيات  أو الفرنسيات .

فتصوروا  قليلا كبار المسؤولين الجزائريين - وهم كثر - يتوجهون إلى أجهزة الأمن للإبلاغ عن وجود زوجاتهم المغربيات أو الفرنسيات في منزل الزوجية. 

هذا تطور خطير ومقلق يقره "النظام"، والذي من شأنه أن يدفع الأجانب إلى الفرار من هذا البلد لتجنب المخاطر المحتملة،  رغم أن هذا البلد يدّعي استقبال "أكثر من مئة مليون سائح" (وزير السياحة الجزائري)، أي أكثر من إسبانيا وتركيا وفرنسا والمغرب ومصر مجتمعين .

 

يعكس في الواقع قانون التعبئة العامة الجديد، مرة أخرى، مخاوف الجنرالات غير المبررة من غزو جيرانهم للجزائر، وخاصة المغرب. فبينما لا يفكر الجنرالات إلا في احتمالات  الحرب، بالأفراط في  التسلح، على حساب الحاجات  الأساسية للشعب الجزائري المسكين، فإن المغرب  منشغل باوراش البناء  والتطور والازدهار والتقدم، متجاهلاً  كليا جاره المضطرب و المنعزل عن الواقع الجزائري والإقليمي والدولي.