تحليل

التزام مغربي بالقضية الفلسطينية وتلاعب جزائري

الحسن زاين

لا شك أن محاولة النظام الجزائري استغلال قضية فلسطين لأغراض سياسية ضيقة تمثل خيانة لقيم التضامن المغاربي والعربي. فالقضية الفلسطينية أكبر من أن تُستخدم كأداة لتصفية حسابات ضيقة وتحقيق مصالح آنية تتعارض مع هدفها النبيل. 

 ومعلوم أن التضامن الحقيقي يجب أن يبنى على أسس من النزاهة والصدق، لا على حساب القيم المشتركة والحقوق الأساسية لشعب فلسطين.

وتجلى هذا السلوك الشاذ في استغلال القافلة التضامنية الجزائرية-التونسية تجاه غزة، بشكل غير مألوف، للمس بسمعة ووحدة المملكة المغربية باستبعاد العلم المغربي من المركبات المشاركة فيها، مع استخدام خرائط للمغرب تُجرده من صحرائه. 

هذه التصرفات تثير العديد من التساؤلات حول النوايا الخفية وراء هذه المبادرة التضامنية التي تُظهر أولاً وقبل كل شيء تعاطفًا مع فلسطين، لكنها تكشف في الوقت ذاته عن دافع سياسي مرتبط بالمواقف العدائية والمتقلبة للنظام الجزائري تجاه المغرب.

إن ما يثير الاستغراب هو أن هذه القافلة، التي يفترض أن تكون مكرسة لدعم الشعب الفلسطيني، قد تم استغلالها في سياق سياسي ضيق يتجاوز التضامن العربي أو المغاربي ليشمل أهدافًا تتعلق بالصراع والعداء الذي تكنه الجزائر للمغرب، خاصة فيما يتعلق بمسألة الوحدة الترابية للمملكة.

الواقع يفرض أن القضية الفلسطينية واحدة من ثوابت السياسة الخارجية المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس، باعتباره رئيسًا للجنة القدس. هذا الدور الفاعل على المستوى السياسي والدبلوماسي يجعل من المغرب في مقدمة المدافعين الرئيسيين عن حقوق الفلسطينيين، ويعكس التزامًا تاريخيًا بدعم قضيتهم.

وعلى الرغم من هذا الالتزام الثابت، يظهر النظام الجزائري من خلال هذه القافلة التضامنية في صورة محاولة لزعزعة هذا الموقف، عبر استغلال القضية الفلسطينية بشكل يضر بمصالح المغرب ويسعى إلى تشويه موقفه في المنطقة.

الاستبعاد المتعمد للعلم المغربي في القافلة والتلاعب بالخرائط ليس إلا تعبيرًا عن محاولة للنيل من وحدة المغرب الترابية باستخدام التضامن مع فلسطين كوسيلة لتحقيق أغراض خبيثة.

على الرغم من المحاولات المستمرة لتقويض المواقف المغربية في مختلف المحافل، يظل المغرب ملتزمًا بمبادئه الثابتة في دعم فلسطين. والتي تظهر جليا من خلال قيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الجهود المغربية لحماية القدس الشريف ولتعزيز الوضع السياسي والإنساني للشعب الفلسطيني. 

هذا الدور لم يقتصر على دعم فلسطين في التصريحات والمواقف السياسية فحسب، بل تجسد في مبادرات عملية من خلال المشاريع التنموية في الأراضي الفلسطينية وتقديم الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين في مختلف المجالات.

ولقد جسد المغرب من خلال هذه المواقف الثابتة والمستمرة، الدعم الفعلي للشعب الفلسطيني، وجعل القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من السياسة الخارجية للمملكة، وهو ما يعكس التزامًا طويل الأمد لا يمكن لأي حملة تضليل أن تؤثر عليه.

إن التلاعب بالقضية الفلسطينية من قبل أنظمة مثل النظام الجزائري يضع التضامن المغاربي والعربي في خطر كبير، ويُقوّض أي محاولة صادقة لدعم الشعب الفلسطيني. 

فالقضية الفلسطينية لا يجب أن تكون أداة سياسية يُستغل فيها التضامن لتحقيق أهداف بعيدة عن جوهرها، بل يجب أن تبقى ساحة لمواقف تضامنية حقيقية تستهدف دعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال.