مجتمع وحوداث

سوق الأضاحي تحت المجهر: بين الغلاء، الغش، وانهيار الثقة

إبراهيم الخياطي

في كل سنة، يخرج المواطن المغربي إلى أسواق الأضاحي وفي قلبه رجاء أن يعود بكبش يُرضي العائلة و"يفتح النفس" يوم العيد. لكن في السنوات الأخيرة، صارت رحلة البحث عن أضحية أقرب إلى مهمة شبه مستحيلة، محفوفة بالأرقام الخيالية، والأكباش المصابة، والمضاربات المكشوفة.


الأسعار تخرج عن السيطرة

كبش العيد الذي كان يُشترى في سنوات سابقة بثمن معقول أصبح اليوم حلما مُكلفا. من 3000 درهم إلى 7000 درهم، تقفز الأسعار دون تفسير منطقي سوى جملة واحدة متداولة في السوق: "العلف طالع". وهي جملة تُستعمل كدرع لتبرير كل الغلاء، دون أن يُسائل أحد كيف يمكن لفلاح صغير أن يربح أقل من "الشناقة" الذين يسيطرون على السوق.


الغش بأقنعة العلف والهرمونات

كثير من المواطنين بدؤوا يُشككون في جودة الأضاحي، بعدما تكررت حوادث "الخضرطة" وظهور لحوم خضراء أو متعفنة في السنوات السابقة. ومع استمرار غياب رقابة حقيقية داخل الأسواق الشعبية، وبيع الأكباش في الأزقة والهوامش، أصبحت مسألة سلامة الأضاحي محل ريبة جماعية.


انهيار الثقة وموجة التخلّي

تنامت ظاهرة التخلّي عن شعيرة الأضحية، ليس فقط بسبب الغلاء، بل أيضًا بفعل الشعور بأن كل شيء صار تجارة فجة. في مدن كثيرة، يختار بعض الشباب وأرباب الأسر البسطاء إعلان "عيد بلا أضحية"، إما احتجاجًا على الجشع، أو تجنبًا لمصاريف تفوق طاقتهم.


هل من بدائل عادلة ومنظمة؟

تجربة البيع المنظم عبر المجازر والأسواق النموذجية كانت خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تزال محدودة ولا تغطي الطلب الحقيقي. كما أن التضامن الاجتماعي، من خلال جمعيات وأوقاف، يمكن أن يكون بديلاً يُحافظ على البعد الرمزي للشعيرة، دون أن يُثقل كاهل الأسر الفقيرة.