رأي

احمد الطاهري: لم يسعفنا الوقت الكسيح كي نشحن عربة النعمة بما يلزم من كهرباء الحياة

"عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد"

"أصخرة أنا ما لي لا تحركني.. هذي المدام ولا هذي الأغاريد"

(المتنبي)

 

"وأنت تعود إلى البيت، بيتك، فكر بغيرك.."

"لا تنس شعب الخيام".

(محمود درويش)

 

لم يسعفنا الوقت الكسيح كي نشحن عربة النعمة بما يلزم من كهرباء الحياة..

كان الخطو أبطأ من زحف سلحفاة عجوز..

لم نغرز حربتنا في الأرض علامة على صلابتنا.. ولم نشحذ سكاكين الوليمة للوليمة..

لم نعد العدة كاملة..

حتى أنفاسنا القوية تركناها هناك ساهدة فوق حجر العائلة..

عربة النعمة توقفت في الطريق..

والنجم الساطع في حديقة سمائنا العليلة لم نلقطه، لأن أصابعنا كانت معطلة تماما..

أصابعنا البضة الهامدة في طريق العبور العاثر.. الطريق التي لم نزفتها بما يلزم من إسمنت بلوري.. 

تركنا الأصابع الفتية جاثمة هناك فوق الطاولات الخشب..

ووحده حبر دواتنا ظل يبرق يتيما تحت خيوط الشمس الساطعة، كما حجر العائلة..

لم نفك أزرار الحياة.. لم نداعب جسدها الغض، ولم نجلسه إجاصة ناضجة فوق المائدة..

لذا، لم تغمرنا نشوة الجمال دافقا..

لم يمهلنا الوقت الهارب كذئب مذعور في الفلوات، كي نكنس الطريق من الأشواك السامة، والمسامير الدامية..

حتى الأحلام التي استجديناها كي نتدثر من صقيع العالم، شكت إبرة اليأس في أجسادنا المهيضة..

داهمتنا الأحلام معطوبة كأيامنا.. مثقوبة كفزاعات مهلهلة فوق حقول محروقة..

نزفت فراشة القلب.. لعقت جرحها ولم تبرأ.. 

تحجر الدمع في الأعين..

الأعين المفجوعة من براكين جهنم.. المفزوعة من عذاب بشر يقيمون في مقبرة..

عويل كسرة الخبز  المغمسة في الدم وسط سعير النسور المحمومة في دوامة القنص.. الذبح.. السلخ، والشواء..

"عيد بأية حال عدت يا عيد.."

"صباح المرارات يا أيها البشر النائمون.. صباح التعب.."