رأي

الطيب دكار: إعلان البوليساريو منظمة إرهابية هل يبادر المغرب إلى اتخاذ هذا الإجراء !

كاتب و صحفي

 1-مبادرة وطنية مغربية : 


في سياق النقاش الدائر حاليا حول إعلان البوليساريو منظمة إرهابية، فإن السؤال هو لماذا لم يقم المغرب بأخذ زمام المبادرة بنفسه.


والمغرب له ما يكفي من الحجج فيما يخص التبريرات التي سبق الإدلاء بها في حالات مماثلة سابقة. لأن مثل هذه القرارات تصدر عادة عن الدول  إلا في حالات استثنائية. وبطبيعة الحال، فإنه سبق لمنظمات دولية أو منظمات حقوق الإنسان  أن اتخذت المبادرة. لقد أدان مجلس الأمن، بطبيعة الحال، الإرهاب، وخاصة هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001  ، واعتمد عدداً من التدابير لمنع هذه الآفة والحد منها، مع الاعتراف بحق الضحايا، سواء كانوا أفراداً أو دولاً، في الدفاع عن أنفسهم.

 

2- تجريد البوليساريو من صفتها كـ"طرف في المفاوضات"


في رأيي، في الظروف الحالية إذ حظي المقترح المغربي لحل نزاع الصحراء بشبه إجماع دولي ، فإن إعلان البوليساريو منظمة إرهابية لن يؤدي إلا إلى تسريع التسوية ، لأنه سيسحب من البوليساريو أي صفة كمحاور في المفاوضات التي ستبدأ في أكتوبر المقبل.  و يجب على بلادنا  أن تعمل من أجل انضمام شركاءنا إلى المبادرة المغربية و تبنيها ومساندتها علما أن البعض  منهم التزم بالمضي قدما في هذا الاتجاه وخصوصا أميركا.


وسوف ينصب اهتمام المجتمع الدولي إثر ذلك بشكل أكبر على السكان "المحتجزين ضد إرادتهم" في مخيمات تندوف، وتحديد هويتهم وفي النهاية إعادة إدماجهم في المملكة.


لا أحتاج إلى التذكير بأن السكان المحتجزين في مخيمات تيندوف لا يتمتعون بصفة لاجئين  بموجب القانون الإنساني الدولي، لأنه لم يتم إحصاءهم من جهة، ومن جهة أخرى، لم يحصلوا على بطاقات اللاجئين من الهيئات الإنسانية الدولية، التي تمنحهم الحق في حرية التنقل والانتقال إلى البلدان التي يختارونها، للعيش هناك أو البقاء في المخيمات.


 هذا هو الوضع القانوني للاجئين في كل مكان في العالم.


-3خرق لأعراف الدبلوماسية من طرف دي مستورا            


من هنا، سأنتقل إلى جانب من الجولة الأخيرة للوسيط ألأممي في المنطقة. الأمم المتحدة لا تعترف بجبهة البوليساريو، ناهيك عن جمهورية الرمال الوهمية. أتساءل لماذا يعطي دي ميستورا الحق  لنفسه لأخذ صور تذكارية خلال لقاءاته في تيندوف إلى جانب علم جمهورية وهمية لا تعترف بها هيئة الأمم المتحدة. كان أجدى به أن يعارض ،بالاهتداء إلى  البروتوكول الأممي، حتى لو كان ذلك يعني إلغاء رحلته إلى تيندوف، تزيين لقاءاته في تندوف بأعلام جمهورية لا تعترف بها الأمم المتحدة.


 وهذا يشكل انتهاكا خطيرا لبروتوكول الأمم المتحدة. دي ميستورا ليس هو الأمين العام للاتحاد الأفريقي.

 

إن جبهة البوليساريو نفسها لا تعترف بها الأمم المتحدة كحركة تحرير على الرغم من حملاتها الكاذبة، حيث منحت أحد موظفي السفارة الجزائرية في نيويورك صفة "ممثل البوليساريو لدى الأمم المتحدة"، وهو ما نفته الأمم المتحدة نفسها في وقت سابق. 


4-إحصاء ساكنة المخيمات، مخاطر الهروب الجماعي 


ترفض الجزائر إجراء إحصاء سكان مخيمات تيندوف خوفا من انكشاف الحقيقة المؤلمة للأرقام المبالغ فيها إلى حد كبير. الجزائر بحد ذاتها ستفقد كل مصداقية، لأنها استضافت كيانا إرهابيا يهدد الأمن والسلم في المنطقة. 


وأتفق معكم في أن المؤسسات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لم تكن حازمة وصارمة في فرض إحصاء السكان المحتجزين في تندوف، بل على العكس من ذلك، استمرت بعض الدول والاتحاد الأوروبي في تقديم المساعدات المالية والإنسانية لمخيمات تندوف، استنادا إلى بيانات تقديرية لسكان المخيمات خاطئة في كثير من الأحيان، لمدة خمسين عاما، بسبب عدم إجراء أي إحصاء. لأن إحصاء السكان قد يتسبب ، من الناحية القانونية، في إخلاء المخيمات. والجزائر تدرك ذلك.


ولهذا السبب ،تمنع الجزائر وجلادو  البوليساريو حرية تنقل السكان وتفرض حصارا كاملا على المخيمات.

 

5-المغرب في وضعية الدفاع عن النفس


وتتحمل الجزائر مسؤولية خطيرة في هذا الصراع.


 أولا، لأنها خلقت هذا الصراع من  العدم ، منتهكة بذلك الالتزامات التي قطعها قادتها رسميا في الرباط، خلال القمة الأفريقية عام 1972. وهذه الالتزامات موثقة بالصوت والصورة. 

لا أدري لماذا لا تبثها وسائل الإعلام السمعية والبصرية العمومية في المملكة، وخاصة ميدي 1، يوميا في اتجاه الرأي العام الجزائري لفضح أكاذيب الدعاية الرسمية وكشفها.


 إن تقرير المصير ليس إلا خدعة، جاءت في وقت لاحق، ما بعد هذه الالتزامات الرسمية العامة.

 

الجزائر تأوي وتسلح وتمول جماعة إرهابية مسلحة غير حكومية. في وقت من الأوقات، كانت الجزائر متورطة بشكل مباشر في عدوان عسكري ضد بلدنا. وبعد ذلك أوكلت هذه المهمة إلى جبهة البوليساريو التي تنفذ هجمات ضد بلادنا انطلاقا من الأراضي الجزائرية.



-اعتبار الجزائر  طرفا معتديا بموجب القانون الدولي 


بموجب القانون الدولي، يحق للمغرب الرد على هذه الهجمات ومتابعة المعتدين فوق الأراضي الجزائرية.


 نورد حالة الولايات المتحدة الأميركية عندما هاجمت أفغانستان، بسبب استضافة هذه الأخيرة قواعد وزعماء تنظيم القاعدة المسؤولين عن الهجوم الدموي في 11 سبتمبر 2001. وهاجمت إسرائيل حزب الله في لبنان، الذي كان يطلق الصواريخ نحو إسرائيل من الأراضي اللبنانية. 


وكان للمغرب الحق في الرد على هجمات البوليساريو بقصف قواعدها في تندوف. وهذا ما كان يقصده المغفور له الملك الحسن الثاني حين هدد ب"حق المتابعة" والذي لم يجر تنفيذه أبدا.


عندما تهاجم جماعة مسلحة غير تابعة لدولة، دولة ذات سيادة من أراضي دولة أخرى ذات سيادة، فإن للدولة الضحية الحق في الرد على الدولة الأخيرة، المسؤولة بموجب القانون الدولي عن هذه الهجمات. 


الطيب دكٌار      

صحفي وكاتب