"…إن جل كتاباتي تؤكد على التمسك بروح منطوق القواعد الدستورية فقد خلفت بدعة التأويل المتعسف ندبات واضحة في جبين المشهد في ظروف ما اصطلح عليه بالبلوكاج.
وفي هذا السياق يجدر الانتباه إلى أن البلوكاج ليس لقيطا ولا يتيما لا يقهر ، إنه ابن شرعي للسياسة كما ظلت تقترف منذ سنين.
كما في الحياة عموما ففي السياسة لا توجد قطيعة ، هناك تطورات وتحولات ولكن دائما في سياق مسلسل من التداعيات ، هناك مخلفات قابلة للتدوير وأخرى عصية عليه ، سيجيب التاريخ هل البلوكاج من هذه أم من تلك..
ذلك هو الخيط الناظم في الكتاب الذي لا تمثل مواده سوى رجع صدى لأحداث وسلوكيات ومواقف ذات آثار ممتدة في الزمن…
في أعقاب انتخابات أكتوبر 2016 ساد شعور وكأن هناك مؤامرة تحاك ضد الدستور وضد المسار العادي للتطور السياسي ، وفي الواقع وحسب تقديري فإن الأمر كان صيغة أخرى لمحاولة إرباك المنهجية الديموقراطية ، ومن مكر الأحداث أن بعض من ساهموا في ذلك كانوا باعتراف منهم من أشد المنتقدين الرافضين لذلك الخروج ولو لحين …لكن هذه المرة جرى ما يشبه تصويب الطلقة لما تم تعيين رئيس حكومة من نفس حزب الرئيس ( المبلوكي).
هل حصل الديبلوكاج(الانفراج)؟ قد يقال إنه حصل ولكن ألم يكن بتلك الطريقة التي مهدت في وقت لاحق إلى لف يد المال حول عنق السلطة ، وكأن حكومة 2016 كسابقاتها لم تكن في الواقع سوى جسر وصول لما نحن عليه.
أليس علينا أن نقر بأن الالتباس شيطان مارد يلبس السياسة وتلبسه ، يغويها ويغريها ويوقع بها في أتون من التردي والإفساد والفضائح بمجرد ما تقضم التفاحة تسقط ورقة التوت.
قد تكون السياسة أصلا ممارسة مهددة بهذا السقوط المدوي كلما استطاع الالتباس (الشيطان) جر الحبل لصنع كل سلوك تفضحه لحظات الحسم بعد تسخينات الإغواء فتسقط ورقة التوت وتبدو عورة السياسة للملأ.
ختاما يمكن اعتبار الموضوعات التي انتقيتها مجرد مقدمات لرؤية أكثر شمولية و تفاصيل ظلت تشغل المهتمين بالمشهد السياسي ، وعسى شذرات هذا العبد ضعيف النظر تسهم ولو بنزر بسيط في جهود العاملين بكل إصرار على إماطة الالتباس عن كثير من الحقائق التي لا تزال تسعى إلى التستر وراء حجاب آيل محالة للسقوط إن عاجلا أو آجلا" .






