مجتمع وحوداث

بنعليلو: منازعات الدولة تعكس قصورًا في "عقلانية العلاقة المفترضة" بين الإدارة والمواطنين

كفى بريس

نبه محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى أن منازعات الدولة تعكس في جوهرها قصورًا في "عقلانية العلاقة المفترضة" بين الإدارة والمواطنين، موضحا أن غياب الشفافية في القرارات الإدارية، التفسير الغامض لبعض القوانين، وتزايد الممارسات التعسفية من طرف بعض الإدارات، هي عوامل تؤدي إلى نزاعات تشوه العلاقة بين المواطنين والإدارة، مما يخلق بيئة من التوتر ويعزز ثقافة المنازعة.

ولفت بنعليلو، في كلمة ألقاها بمناسبة المناظرة الوطنية حول "تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية"، إلى أن غياب الشفافية وعدم وضوح المعلومات المتعلقة بالقرارات الإدارية يساهم بشكل كبير في توليد المنازعات. 

وبيّن أن الكثير من الإدارات تعتمد على ما يسميه "المصلحة الإدارية" كتبرير للقرارات، وهي مصلحة يتم تحديدها في أغلب الأحيان بشكل غير قانوني أو خارج إطار الرقابة والمحاسبة. وأكد أن هذا السلوك يعد تجاوزًا للسلطة ويضعف ثقة المواطنين في حكمة وفعالية الأداء الإداري.

و أضاف بنعليلو أن "التدبير التفاعلي" للمنازعات، والذي يعتمد على التعامل مع النزاع بعد نشوئه فقط، لا يعد حلاً مناسبًا بل هو رد فعل متأخر يشير إلى ضعف في التخطيط الإداري. وشرح أن هذا النموذج يعكس فشلًا في إدارة العلاقة بين الدولة والمواطنين قبل وقوع النزاع، مما يجعل الإدارة تتعامل مع قضايا قانونية بعد أن تصبح نزاعات حقيقية تتطلب تدخلات قضائية.

وأكد أهمية تبني نهج استباقي لتفادي النزاعات، يتمثل في تحسين أداء الإدارات وتعزيز الشفافية والمسؤولية. وأكد على ضرورة تحسين فعالية الإدارة في التواصل مع المواطنين، وضرورة أن تكون القرارات الإدارية واضحة ومبنية على أسس قانونية متينة. ودعا إلى تطوير أدوات للوساطة المؤسساتية لحل النزاعات قبل الوصول إلى المحاكم.

و دعا بنعليلو إلى أهمية تقييم سياسات إدارة المنازعات، مشيرًا إلى أن مؤشراتها يجب أن تكون قائمة على معايير كمية تتعلق بعدد النزاعات وحجم تكاليفها، فضلاً عن قياس مستوى تنفيذ الأحكام القضائية. وأكد أن غياب آليات شفافة وقوية لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة يجعل الإدارة تماطل في تطبيق القانون، مما يزيد من تفشي ظاهرة المنازعات.

وفي ختام كلمته، شدد على أن تدبير المنازعات بشكل فعّال يتطلب إصلاحات تنظيمية وثقافية تضمن تحسين الشفافية والمساءلة في الإدارة. وأكد على ضرورة التفكير في استراتيجيات وقائية تشمل وضع آليات إنذار مبكر لفرز المشكلات الإدارية قبل تحولها إلى نزاعات قانونية. كما دعا إلى إنشاء "مرصد وطني لمنازعات الدولة" ليكون مسؤولا عن تحليل أسباب تفشي هذه المنازعات، وتقديم حلول استباقية للحد منها، مع اقتراح تطوير الإطار القانوني الخاص بالمنازعات الإدارية.