سعيد جدا بالإخبار عن صدور مذكرات الدكتور فتح الله ولعلو (في جزئين ضخمين مع صور نادرة) ضمن منشورات المركز الثقافي للكتاب ببيروت للصديق العزيز بسام كردي، التي سيتم عرضها في الدورة الجديدة للمعرض الدولي للكتاب بالرباط برواق المركز ابتداء من يوم الجمعة القادمة 18 أبريل 2025.
كان لي شرف الإعداد لنشرها بعد أكثر من ثماني سنوات من العمل الدؤوب لتحريرها وإنجازها، ومعتز بثقة الأخ فتح الله ولعلو في شخصي المتواضع. ومما أذكره للتاريخ هو أن أول ما انطلقت فكرة هذه المذكرات قد كانت بشقة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله بالدار البيضاء ربيع سنة 2013.
سعيد أن أتقاسم معكم فقرة من مقدمة هذه المذكرات التي قال فيها الدكتور ولعلو:
"لست من الذين يعتبرون المذكرات حكيا لحياة شخص، لأن قيمة الشخص دوما محدودة ونسبية، حيث التركيز على المغامرة الشخصية في الحياة لا فائدة منه في ما أفهم وأتصور. الإنسان جزء من تاريخ معين وضمن جغرافية معينة. بالتالي أهمية المذكرات كامنةٌ في إبراز ذلك التاريخ وتلك الجغرافية بغاية إعطاء الأولوية للموضوعي على حساب كل ما هو ذاتي. إن الحديث عن ما اخترت تسميته "زمن مغربي" يفرض مقاربة شَكْلِ تموضعه عالميا وإقليميا قبل إبراز مكوناته المحلية.
من المؤكد أن من عاش الجزء الثاني من عالم القرن العشرين والعقود الثلاث الأولى للقرن الواحد والعشرين، سيقتنع بالطابع النسبي لتاريخ وجغرافية البلد الذي ينتمي إليه. فالعولمة قد ترسخت خلال الثمانين سنة الماضية وأصبح لها تأثير مباشر على تاريخ وجغرافية كل بلد على حدة. ثم لأنه أيضا، إذا كانت الجغرافية عنيدةً (لا يمكن التشطيب على أي بلد من الخريطة أو تغيير موقعه فيها) فإنها تتأثر بمسار التاريخ الذي يمنح أفضليةً لمواقعَ جغرافية ويهمش أخرى. لتصبح حياة الفرد بالتالي مُرتبطةً بالعلاقة الجدلية بين التاريخ والجغرافية، التي هي علاقةٌ تطورت بسرعة مذهلة منذ ميلاد الرأسمالية، وتعاظم الأمر أكثر مع تطور مسار العولمة.
(...)
بقي أن أنوه بمرافقة الأخ لحسن العسبي، الصحافي والكاتب المقتدر، الذي واكب معي تدوين وتحرير هذه المذكرات بأسلوبيها المنطوق والمكتوب (اشتغلنا عمليا منذ ربيع 2013 حتى خريف 2022، بمعدل لقاء أسبوعي زوال كل ثلاثاء ببيتي بالرباط، تطلبت 145 شريط تسجيل)، خاصة وأننا نتقاسم بفعل انتماءنا نفس التوجه وكذا ارتباطنا بصداقة عبد الرحمن اليوسفي في السنوات الأخيرة لحياته، مما جعلنا نلتقي في تحرير ومراجعة وترتيب ذكريات مشتركة".
شكرا أخي فتح الله ولعلو على الثقة.
بدون أية مبالغة، هذه مذكرات سيكون لها أثر بليغ على ذاكرة المغاربة، لأنها حررت بخلفية بيداغوجية قيمية رفيعة. فهي شهادة أمام التاريخ غنية بمعلومات تعرف بجرأة لأول مرة، مثلما فيها تقييم سياسي لمراحل مهمة من تاريخ المغرب الحديث الحي والطازج، وفيها الكثير من منجز حكومة التناوب بالدليل المفحم.
القراءة الممتعة مضمونة عاليا في هذه المذكرات