هي فقرة من محضر اجتماع دورة يناير العادية بمقاطعة أكدال بفاس التي انعقدت صباح الثلاثاء.. ولم تكن هذه السيدة المعارضة للاقتراح سوى مستشارة باسم حزب العدالة والتنمية التي-كما جاء في المحضر- حاولت التستّر وراء منطق توطين إعلام ورموز فاسيّة محليّة.. وهو المنطق الذي لا يعدو إلاّ أن يكون نوعاً من التّقية والإخفاء عن موقف هذا الحزب الإخواني من الرموز الوطنية لبلدنا ومحاولة استبدال ذاكرتنا الوطنية برموز وأعلام مشرقيّة إخوانية عشنا بعض مشاهدها بمدينة تمارة التي كانت بعض أزقتها تحمل اسماء مشايخ وهابية إخوانية ك احمد النقيب واحمد الدهلوس ووو..
هي نفس الخطوة بمدينة طنجة ذات سياق.. وصولاً إلى الموقف الرافض لمستشاري حزب العدالة والتنمية لجماعة أكادير بتسمية قاعة البلدية باسم إبراهيم الراضي.. ولخلق إحراج أخلاقي للأغلبية الاتحادية آنذاك.. اقترحوا تسميتها باسم المرحوم الحسن الثاني أو المسيرة الخضراء..
هذا موقف ايدلوجي عقائدي عند هذا الحزب الإسلامي الذي يحاول في كل مناسبة اوفرصة سانحة له طمس ذاكرة إعلامنا الوطنية وتغييب حضورها الرمزي والمعنوي في شوارع مدننا وداخل مؤسساتنا العلمية والثقافية..
وإذا كان قرار تسمية الشارع باسم المجاهد الفقيد محمد سعيد ايت إيدر قد صودق عليه من طرف باقي أعضاء المجلس.. فإن الفقرة أعلاه تعدّ وصمة عار في جبين من استكبروا شارعا باسم هذا المقاوم الوطني النبيل / النظيف الذي قضى بين المنفى والسجن ما يساوي مرتين عمر هذه المستشارة التي سقط بها السقف نحو المسؤولية كي تقرر في هكذا اقتراحات دون مراعاة لوزن وهبة ودور المناضل المجاهد الفقيد محمد بن سعيد ايت إيدر في تحرير الوطن ضد الإستعمار بين مغرب فرنسا ومغرب إسبانيا.. وواصل بعد الاستقلال في تحرير المواطن من الظلم والإستبداد..
فالفقيد بهذا الإمتداد والسّمو أكبر من شارع مزدحم.. أكبر بامتداد خريطة الوطن كأحد رموز
حقبة من تاريخنا مغربنا الحديث عايشها مقاوما ومعارضا سياسيا، ومؤسسا لفعل في الواقع من خلال مساهماته في جيش التحرير، وداخل قبة البرلمان، وعبر العمل على بناء جيل أراد له أن يحمل مشعل الحرية والانعتاق، والتشبث بالعدالة والديمقراطية..
كان للفقيد حظوة واحترام وتقدير من خصومه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ساعدته في ذلك خلفيته الثقافية المتعددة والمتنوعة، التي تمتح مرجعيتها من أرضية ثقافية سلفية تلقاها في “ابن يوسف” بمراكش، ومن ممارسة اشتراكية فتية غذّتها محطات كبرى “انتفاضة 23 مارس في الدارالبيضاء”، ومن مشارب قومية خلال منفاه القسري ومن أممية كونية إنسانية حضارية
قد يخالفه العديدون في اختياراته وقناعاته الفكرية لكنه بقي وفيّاً للمبادئ التي آمن بها وضحى من أجلها ولم يتنازل أو يتماهى بها مع التيار
بهذا السمو الأخلاقي بقي صامداً حتى آخر رمق من حياته.. كصوت لضمير النزاهة والاستقامة داخل مجتمع السياسية، ورمزا للتواضع والتضحية والصمود والمقاومة رافضا للظلم ومساندا لمطالب الحرية والعدالة الاجتماعية، وزاهدا في السطة والمال والجاه حتى قيل عنه (ناسك اليسار المغربي)
كل هذا وأكثر لم تنتبه إليه تلك المستشارة التي غادر الحياء وجهها لحظة رفض مقترح الاغلبية بتسمية شارع باسم هذه الفقيد..
ولم تسترجع أبداً حتّى لحظة تكريم وتوسيم الفقيد في يوليوز 2015، من قبل الملك محمد السادس، تقديرا لدوره البارز في النضال والعطاء من أجل الوطن..
هو بقايا العمى الايدولوجي الإخواني المستمر في مواجهة الدولة الوطنية ورموزها الحضارية في أفق العودة إلى الخلافة الاممية العثمانية..