وأوضح الملك في رسالة وجهها إلى المشاركين في الندوة الدولية المنعقدة يومي 6 و7 دجنبر 2024 بمقر البرلمان، حول “التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية”، أن إحداث هيئة الانصاف والمصالحة، استمرارا للهيئة المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي التي كان قد أحدثها الملك الحسن الثاني، “كان قرارا سياديا ضمن مسار طوعي لتدبير الشأن العام يقوم على مفهوم جديد للسلطة وعلى مسؤولية المؤسسات ومحاسبتها لضمان كرامة كل المغاربة “.
وأكد الملك أن القرار “يهدف أساسا علاوة على تحقيق المصالحة الوطنية ومعالجة انتهاكات الماضي، إلى جعل العدالة الانتقالية ضمن أولويات خيار الانتقال الديمقراطي، حيث تبلورت لدى المغاربة حينها، دولة ومجتمعا رؤية استيباقية لعمق التحولات التي دخلها العالم نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، ولأهمية القيم الديمقراطية وحقوق الانسان ضمن الاختيارات السياسية والاستراتيجية".
ولفت الملك في الرسالة التي تلتها رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، إلى أن “هذه الندوة بما تحمله من رمزية تاريخية واجتماعية وحقوقية وسياسية، تشكل مناسبة للإشادة بما تم تحقيقه ببلادنا من مكاسب خلال المسار الوطني للعدالة الانتقالية التي اعتمدت مقاربة متبصرة ورزينة تتسم بالشفافية والموضوعية”.
كما أكد الملك محمد السادس في رسالته، أنها ” فرصة لتذكير الأجيال الحالية والمقبلة بما راكمته المملكة المغربية من إصلاحات ومصالحات في إطار من التوافق والجرأة في قراءة تاريخنا وماضينا دون عقد أو مركب نقص”.
ويستحضر تخليد ذكرى إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة مسارا امتد لعشرين سنة ويقارب مخرجات وانعكاسات تجربة أرست تقاطعا عميقا بين دعامتين أساسيتين: العدالة الانتقالية والبناء المؤسساتي.
وستتناول الندوة مواضيع مرتبطة بمسارات العدالة الانتقالية، بما فيها التفاعلات الممكنة بين العدالة الانتقالية والإصلاحات الدستورية والتشريعية والقضائية، وأدوار المؤسسات العمومية والمجتمع المدني في هذه المسارات وفي دعم تنفيذ توصيات هيئات العدالة الانتقالية، إضافة إلى قضايا الذاكرة.
كما ستتطرق الندوة لسبل الاستفادة من مسارات تشكل بانعكاساتها ونتائجها مرجعا لتجارب أخرى حالية ومستقبلية، خاصة هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها تجربة غنية بممارساتها الفضلى، ومتفردة من حيث تدبيرها، وإنجازها ومنجزها وتوصياتها.
وستتوزع أشغال المناظرة على جلسات موضوعاتية تتناول مجموعة من المحاور تهم: “العدالة الانتقالية والإصلاحات الدستورية والتشريعية”، “مسارات العدالة الانتقالية: أدوار المؤسسات العمومية والمجتمع المدني”، “العدالة الانتقالية والإصلاحات القضائية” و”مسارات العدالة الانتقالية والإنتاج الفكري والمعرفي”.